نُقلت إلينا زميلة جديدة بالعمل، رغم أن العمل لا يحتاج إلى عبء جديد من التزاحم بالكراسي والمكاتب بعد أن تحول إلى علبة كبريت قديمة، ونحن والأثاث متراصين فيها، نسير بجانب موارب، ونكدس الأوراق بين فتحات المكاتب على الأرض. زميلتنا الجديدة تختلي بأوراقها لوحدها، لا تكاد تقيم رأسها من على الأوراق وتنظر إلينا بريبة وكأننا مخلوقات فضائية تهم باختطافها، وتجرأتُ ذات صباح وعزمت عليها بساندوتش "مربى التين" البيتي التي أصنعها بنفسي والتي يتخطفها زميلاتي بالعمل مني في نهم، لكنها ما أن قضمت قطعة من ساندوتش المربى الفينو المعتبر حتى وجدت ملامحها تمتعض وتخبرني أن لديها حساسية من التين أصلًا. ترفض أن تشاركنا احتساء الشاي وتخرج عدة الشاي الخاص بها وتصنعه بتؤدة وعلى مهل ولا تحاول من باب الزمالة أن تعزم على أحدنا برشفة شاي، بل تشربه على مهل ويظل الكوب ملاصقًا ليدها طوال اليوم! زميلتي الجديدة تنظر للجميع بارتياب، وتفسر ذلك على أننا جميعًا مختلفين عنها في توجهاتنا وانتماءتنا السياسية رغم أننا جميعًا نعيش على أرض وسماء واحدة "مصر"!