ألمانيا تربط تسلم أسلحة إسرائيل بتقييم الوضع الإنساني بغزة    المشاط تُهنئ "ولد التاه" عقب فوزه بانتخابات رئاسة مجموعة البنك الأفريقي للتنمية    شعبة مواد البناء: أسعار الأسمنت ارتفعت 100% رغم ضعف الطلب    وزير جيش الاحتلال يقتحم موقع ترسلة قرب جبع جنوب جنين    مواجهات حاسمة في جولة الختام بدوري المحترفين    الداخلية تضبط المتهم بالنصب على المواطنين بزعم العلاج الروحانى بالإسكندرية    الرئيس السيسي يتلقى اتصالاً هاتفيًا من رئيس الوزراء اليوناني ويؤكدان دفع العلاقات الإستراتيجية بين البلدين    «أوقاف الدقهلية» تفتتح مسجدين وتنظم مقارئ ولقاءات دعوية للنشء    محافظ الشرقية يستقبل مفتي الجمهورية بمكتبه بالديوان العام    فيدان: محادثات إسطنبول أثبتت جدوى التفاوض بين روسيا وأوكرانيا    الأحد.. مجلس الشيوخ يناقش الأثر التشريعي لقانون التأمين الصحي والضريبة على العقارات المبنية    توريد 215 ألف طن قمح لصوامع وشون قنا    الصحة: تقديم الخدمات الصحية الوقائية ل 50 ألفًا و598 حاجا من المسافرين عبر المطارات والموانئ المصرية    محافظة الجيزة تنهي استعداداتها لاستقبال امتحانات نهاية العام الدراسي للشهادة الإعدادية    مصدر أمنى ينفى مزاعم جماعة الإخوان بشأن تعدى فردى شرطة على سائق أتوبيس    مايا دياب تحيي حفلا في البحرين بمشاركة فرقة «جيبسي كينج»    القاهرة الإخبارية: فشل آلية توزيع المساعدات و10 شهداء برصاص الاحتلال    فى ليلة ساحرة.. مروة ناجى تبدع وتستحضر روح أم كلثوم على خشبة مسرح أخر حفلاتها قبل 50 عام    المنطقة الشمالية العسكرية تستكمل تنفيذ حملة " بلدك معاك " لدعم الأسر الأولى بالرعاية    حسن حسني.. «القشاش» الذي صنع البهجة وبصم في كل الفنون    الليلة.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يختتم دورته الخامسة بتكريم اسم الراحل بشير الديك والمؤرخ محمود قاسم والنجمة شيرى عادل    مفتى السعودية: أداء الحج دون تصريح مخالفة شرعية جسيمة    قافلة طبية مجانية بقرية البرشا بملوي تقدم خدمات لأكثر من 1147 حالة    محافظ مطروح يفتتح مسجد عباد الوهاب بحي الشروق بالكيلو 7    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض الزيت واللحوم والذهب    مصطفى شوبير يتعاقد مع شركة تسويق إسبانية    خطيب المسجد الحرام: الحج بلا تصريح أذية للمسلمين والعشر الأوائل خير أيام العام    أسامة نبيه: أثق في قدرتنا على تحقيق أداء يليق باسم مصر في كأس العالم    4 وفيات و21 مصابا بحادث انقلاب أتوبيس بمركز السادات    حكم من شرب أو أكل ناسيا فى نهار عرفة؟.. دار الإفتاء تجيب    الإفتاء تحذر: الأضحية المريضة والمَعِيْبَة لا تجزئ عن المضحي    كريم بدوى: زيادة الإنتاج تمثل أولوية قصوى لقطاع البترول    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    108 ساحة صلاة عيد الأضحى.. أوقاف الإسماعيلية تعلن عن الأماكن المخصصة للصلاة    تحرير 146 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    كأس العالم للأندية.. ريال مدريد يعلن رسميا ضم أرنولد قادما من ليفربول    الرئيس اللبنانى يزور العراق الأحد المقبل    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية برنامجنا النووي كاذب    تعرف على إيرادات فيلم ريستارت في أول أيام عرضه    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    نائب وزير الصحة يتفقد عددا من المنشآت الصحية فى البحر الأحمر    شاهد عيان يكشف تفاصيل مصرع فتاة في كرداسة    بحضور محافظ القاهرة.. احتفالية كبرى لإحياء مسار رحلة العائلة المقدسة بكنائس زويلة الأثرية    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    رئيسة القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف    وزير الإسكان: بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ضمن "سكن لكل المصريين 5 " بنتيجة ترتيب الأولويات    أول هجوم لداعش ضد النظام السوري الجديد يكشف هشاشة المرحلة الانتقالية    رئيس وزراء اليابان يحذر من التوتر بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    «اعتذرتله».. ياسر إبراهيم يكشف كواليس خناقته الشهيرة مع نجم الزمالك    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    فرنسا تحظر التدخين في الأماكن المفتوحة المخصصة للأطفال بدءًا من يوليو    نجاحات متعددة.. قفزات مصرية في المؤشرات العالمية للاقتصاد والتنمية    تقارير: أرسنال يقترب من تجديد عقد ساليبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصه قصيرة
الموسم الأخير

كان غارقا بين الملفات المتكومة أمامه علي المكتب في عدة رصات بلونها الاصفر الكالح في الحجرة والواسعة القابعه في الدور الثالث بالمبني العتيق بشارع طلعت حرب ادارة السجلات نادي علي عم محمود الفراش.
واسرع كالمعتاد يقدم له ساندوتش الفول وكوب الشاي الساخن‏,‏ تناول قضمه من الساندوتش وهو يقلب احد الدوسيهات يوشر عليه بالحفاظ في عفويه‏,‏ كأنه يؤدي دورا حفظه عن ظهر قلب في مسرحية عبثيه امتد عرضها حوالي اربعين عاما انتهي من فطوره‏,‏ فرد الجريده امامه وقرأ في عجاله العناوين الرئيسية ثم بعض المقالات القصيرة‏,‏ وسرعان ما القاها في درج المكتب‏,‏ دخل عليه الساعي يحمل بين يديه المكاتبات الواردة اخذا توقيعه علي دفتر الوارد ثم انصرف بعد ان سأله عن اخبار ابنه في الامتحانات فقال له الاستاذ محروس برتابة‏:‏
الحمد لله‏..‏ كويس
بدأ في تفحص الخطابات الواردة في اهتمام بالغ بعد أن ثبت نظارته الطبية المقعرة المعلقه بسلسلة فضية علي عينيه مد بصره نحو المكاتب الخاليه‏,‏ الاستاذ مرقص والاستاذ حسنين حسنين كالعادة يتسكعان في باقي ادارات الوزارة تاركينه بمفرده يقوم بالعمل كله دون تذمر او شكوي توقفت يده فجأة وهو يكر الخطابات امامه مدققا في احدها‏..‏ سرت في بدنه رعشة خفيفة‏..‏ اخرج الخطاب وأخذ يقرأه بصوت مسموع‏:‏ دارة شئون العاملين تخطركم ببلوغكم سن المعاش في الحادي عشر من فبراير رفع عينيه صوب نتيجة الحائط المعلقه امامه والتي تنبئ بتاريخ اليوم الحادي عشر من شهر ديسمبر لفه دوار خفيف‏..‏عاد بظهره الي الوراء مستندا علي الكرسي شعر في التو واللحظة بثقل السنين المنقضيه‏..‏ وتعب الرحلة يحل دائما عند النهاية‏..‏حان للعرض ان يتوقف كي يتغير الممثل والمخرج ويبقي الجمهور كما هو يرقب في تثاؤب ولا مبالاه دون أن يعبأ بمن جاء ومن رحل ينتظر بدء العرض من جديد بممثلين جدد ياخذون اوار البطولة وادوار الكومبارس لا احد يهتم‏.‏
ستون عاما سيبلغهم بعد شهرين استعجب وتذكر ايامه الاولي في هذا المبني كأنها كانت بالأمس‏..‏ كيف مضت تلك السنون بهذه السرعة الخرافية؟‏..‏ ابتسم ابتسامة باهته والتفت نحو نافذة الحجرة القابعة وراء المكتب تبدي الشارع من خلف الزجاج يعج بالمارة يهرولون في شتي الاتجاهات راقب صبيه المدارس يحملون حقائبهم خلف ظهورهم يتبادلون النكات والقفشات يتزاحمون حول احد محلات المأكولات يتناولون الطعام في نهم وهم في حركه دائبة ممتلئة بالحيوية والنشاط وبعض الشباب والشابات ينتحون جانبا في حوار هامس دافئ تساءل في دهشه‏:‏ كيف لم يلفت انتباهي هذه المشاهد من قبل؟‏!‏ كأنه آله صماء تعمل في حياد باهر بلا توقف‏,‏ بلا تلفت‏,‏ بلا انتباه للزمن‏,‏ شحب وجهة‏,‏ وشعر باطرافه بارده وقال في نفسه‏:‏
ماذا ساقول للأولاد في البيت‏.‏
تبدت الحيرة في مقلتيه علي تساؤل أهم ماذا سأفعل في ايامي القادمة؟ هل الخريف نذير بأنه قد آن آوان الرحيل أن يكنس أوراق الشجر القديمة ليفسح طريقا جديدا لربيع أتي‏..‏مغترا بفتوته وعنفوانه‏..‏ يظن بانه الموسم الاخير في دوره الحياة ولا مواسم بعده‏.‏
أفاق من شروده علي يد تربت علي كتفه‏,‏ التفت فوجد الاستاذ راغب مدير الحسابات واقفا امامه رحب به ودعاه للجلوس قال له في اشفاق‏:‏
اتعسنا الخبر
رد بصوت جاهد ان يبدو طبيعيا‏:‏
هذه سنه الحياة
الزملاء يودون تكريمك
لاداعي‏..‏
لماذا فاحباؤك كثيرون
حسنا دعني افكر
اخذ اذنا وانصرف مبكرا عن مواعيد العمل الرسمية‏,‏ وقال في نفسه مش حروح في عربيه الشغل النهارده‏,‏ فليتمشي في وسط البلد تسكع في الشوارع المحيطة بمبني الوزارة أخذ يشاهد المحلات والفترينات يتأمل المعروضات بعقل شارد رأي وجهه في احدي المرايا‏..‏هاله كم الشعر الابيض والتجاعيد تحفر ملامح جديدة في وجهه‏.‏ اندهش كيف لم الاحظ ذلك من قبل تأمل حركة المارة العابرين من حوله في استغراب لاول مرة منذ ثلاثين عاما يشاهد شوارع وسط البلد في هذا البلد في هذا الوقت المبكر فقد اعتاد في مثل هذا الوقت أن يكون منكبا علي الدفاتر والمذكرات واجتماعات واجتماعات‏,‏ وكلمات وكلمات‏..‏وهذا العالم العجيب أسفل قدميه ولا يراه‏!!‏ ماهذا الخلق؟‏..‏ ماهذه الحياة التي تدب في الشوارع من حوله اشارات مرور‏,‏ نساء فاتنات جميلات‏,‏ بائعون متجولون‏,‏ طوابير مرتادي الحفلات الصباحية بالسينما حياة حميمة زاخرة أين كنت طوال هذه السنين اصحوت فجاة بعد سبات شتوي طويل كذلك من أهل الكهف الذين استيقظوا فجأة ليروا عالما جديدا غير العالم الذي تركوه منذ عشرات السنين‏.‏
نخبركم ببلوغكم السن القانونية للأحالة للمعاش استرجع في نفسه كلمات الخطاب وأخذ يضحك علي حدة وسذاجه اللهجة حتي استرعي انتباه المارد من حوله لمح مقهي مندسا بين العمارات العالية في مكان ضيق تهب عليه تيارات هواء باردة منعشة‏,‏ وتظلله البنايات وتحجب عنه حرارة الشمس جلس علي احدي المناضد طلب كوبا من الشاي أخذ يتذكر آخر مرة جلس فيها علي مقهي آه منذ حوالي ما لايقل عن عشرين عاما حين اتاه صديق قديم من المنيا يزوره في المنزل تناولا الغداء ثم نزلا يجلسان علي مقهي قريب يلعبان الطاولة ويتسامران‏..‏ يرق في ذهنه كل اصدقائه القدامي‏,‏ اصدقاء المدرسة في بلدته المنيا مسقط رأسه وكذلك زملاء الجامعة بالقاهرة‏,‏ اتري اين هم الآن امواتا‏..‏ احياء؟‏!‏ طالما تقابلوا في الماضي وتبادلوا التأكيدات بضرورة أن يلتقوا اسبوعيا او حتي شهريا ثم راح كل واحد في غيبوبته‏.‏
مهاب حسين مصطفي

إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.