لست أعرف، لماذا لا تصدر الخارجية المصرية بياناً تعرب فيه عن قلقها الشديد من الإجراءات المضادة للحريات والمقلصة للديمقراطية التى تقوم بها حكومة رجب طيب أردوغان ضد المعارضة التركية. وهذا البيان ليس تدخلاً فى الشأن التركى الداخلى، لكنه سلوك متبع فى العرف الدبلوماسى فى العلاقات بين الدول. التدخل فى الشأن الداخلى، يندرج تحت بند التمويل الخارجى أو أعمال التجسس، أو محاولات تأليب المعارضة أو شراء الصحف ووسائل الإعلام، للإساءة ضد الحكم والحكومة. كل ما سبق قامت تركيا به وأكثر، بل إنها استخدمت سفاراتها فى القاهرة ووكالة الأنباء التابعة لها فى خدمة جماعة الإخوان ومصالحها، وفى محاولات مقاومة نتائج ثورة 30 يونيو. والإعراب عن القلق واستنكار ما يحدث فى تركيا هذه الأيام له أسبابه الموضوعية. النظام يقوم فى أنقرة وإسطنبول باستخدام إجراءات العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين. والنظام فى أنقرة يقوم بعمليات تصفيات حساب سياسية بشكل ممهنج ضد كل معارضيه بشكل فيه تعدٍ على القانون، ومبادئ النظام الديمقراطى. ومنذ 48 ساعة، بدأ التصعيد الأردوغانى ضد الهيئات المنظمة للبنوك والاتصالات والتليفزيون الرسمى. وقامت السلطات بنقل آلاف من كبار قيادات الشرطة من مناصبهم فى أكبر حركة تنقلات وتصفيات داخل جهاز الشرطة التركية. ولم تسلم النيابة العامة ولا السلك القضائى التركى من انقلاب «أردوغان»، فقامت بنقل 20 ممثلاً للادعاء العام من مناصبهم. لقد هلكنا السيد أردوغان من كثرة إعطائنا محاضرات فى الديمقراطية، والإسلام، والتسامح، واحترام الحريات ومبادئ حقوق الإنسان، وكأنه «رسول الديمقراطية» إلى دول العالم الثالث. لم يلتفت السيد أردوغان إلى فعلته فى حديقة «جيزى» بإسطنبول ضد المتظاهرين، ولم ينتبه إلى حالة الهيستيريا السياسية والأمنية التى تمارسها حكومته ضد كافة قوى المعارضة فى البرلمان والحكومة والقضاء والإعلام ودوائر المال والمعارف. قبل أن تنظر إلى غيرك.. انظر حولك!