لم تكتف مافيا الأراضى فى الإسماعيلية بالاستيلاء على أراضى الدولة الزراعية أو الصحراوية، بل وصل الأمر بهم إلى الاستيلاء على مقابر الشهداء بالمحافظة، والتصرف فيها ببيعها أكثر من مرة، ووصل الأمر إلى التصرف فى مقابر الشهداء دون مراعاة للدماء التى دفعوها ثمناً لحرية الوطن، مستغلين ما تمر به البلاد، وحل المجالس المحلية، وما تشهده المحافظة من انفلات أمنى جعل من الصعب السيطرة، وفرض الأمن على مقابر الشهداء. وقال أحد العاملين بالمقابر -رفض ذكر اسمه- إنه ما زال يذكر عندما حضر أهالى الشهيدين محمد أحمد عميش وأحمد يحيى إلى المقابر للبدء فى إجراءات دفن جثمانيهما، مرددين التكبيرات والهتافات ضد «آل مبارك»، مشيراً إلى عدم اهتمام القائمين على مسئولية مقابر شهداء الوطن فى مقابل الاهتمام غير العادى بمقابر شهداء الشرطة، وإحاطتها بجدران تمنع التسلق إليها، وتحولت مقابر الشهداء، المتداخلة مع مقابر المواطنين والعائلات، إلى مأوى للخارجين على القانون، والذين نجحوا فى التسلق للمقابر بعد غياب الحراسة وعدم توافر فرد أمن واحد يقوم بحماية المقابر، مؤكداً تعرض الأبواب الحديدية والخشبية للمقابر والمكاتب الإدارية للسرقة بصفة يومية، وبيع المواد المخدرة علناً، وأقسم أن هناك أعمالاً منافية للآداب تتم دون مراعاة لحرمة الموتى. وبلغ سعر المقبرة 7 آلاف جنيه، منها 1100 جنيه مقابل انتفاع بأرض الدولة، و3 آلاف جنيه مبانى للمقاول، و500 جنيه للقائم بأعمال مدير مكتب رئيس الحى، رغم إصدار قرار بنقله إلى مدير علاقات عامة، وغياب دور الرقابة الإدارية، والكسب غير المشروع. وتضمنت المستندات تصريح بناء مقبرة على لحد يخص عائلة أخرى، وتصريح مقبرة أخرى على لحد بوسط شارع، حتى يصبح ما حوله أرض فضاء قابلة للبناء، وتم إغلاق الشارع وبيعه لمن يدفع الرشاوى، وضاع حق المواطن فى الطريق العمومى لمرور السيارات وخلافه. واستغل المسئولون ما تشهده المحافظة فى أعقاب ثورة 25 يناير من تغيير المحافظ، الذى لا يعلم مدى هذه الفاجعة وتأثيرها على مستقبل الإسماعيلية، التى أصبحت مقابرها بلا شوارع خلافاً للرسومات المخططة من رئيس المقابر السابق المهندس جمال جاد، ووصل سعر بيع المقبرة الواحدة من 8 إلى 10 آلاف، بواسطة مسئولى المقابر بالحى، الذين استولوا على الشوارع الرئيسية والتى تقلصت مساحتها من 6 أمتار إلى مترين. وكشف حسن الفولى، أحد مسئولى المقابر، تحصيل رسوم بناء المقابر على اللحود من المواطنين بمبلغ مالى قدر ب1200 جنيه وقيمة الأرض، بالإضافة إلى رسوم رفع مخلفات البناء وإرسال تقارير من مسئولى المقابر غير الشرفاء إلى رئاسة الحى تؤكد الانتهاء من أعمال رفع القمامة. وأكد على سعد مندور، أحد المواطنين، تصادف وجوده فى محاولة لاسترداد مقبرة عائلته، أن هناك عمليات سطو تتم بالمقابر، وأن المقبرة يتم بيعها أكثر من مرة. وأضاف عباس عوض، أحد العاملين، إن المقابر تحولت ليلاً إلى غابة، يمارس فيها كل شىء، ولا يمكن لأحد الاقتراب منها، خوفاً من سطو المسلحين والخارجين على القانون، خاصة لموقعها غير المناسب بالقرب من سوق الجمعة، وهى منطقة عشوائية ضمت الكثيرين من اللصوص والبلطجية، بالإضافة إلى غياب الحراسة وعدم توافر أبواب حديدية لحمايتها، ونقص الإنارة، وهو فى المقابل ما تم توفيره لمقابر شهداء الشرطة. من جانبه، هدد متولى على عبدالله، ابن الإسماعيلية وشيخ الفدائيين، بتنظيم اعتصام فردى، نظراً لما رآه من مسئولى الإسماعيلية بعدما طرق كل الأبواب، لاسترداد مقبرة أشقائه الشهيدين، واللذين اغتيلا على يد قوات الإنجليز منذ الاحتلال الإنجليزى على أرض الإسماعيلية فى بناء مقبرة لهما حتى لو كلفه ذلك البقاء على أرض المقبرة بعدما رفض المسئولون بناء مقبرة لشقيقيه الشهيدين، مطالبين إياه بمبلغ من المال، وعندما رفض لظروفه المالية السيئة، خاصة أنه يعيش على معاش 80 جنيهاً فقط شهرياً، استولوا على جزء من الأرض لبناء مقبرة جديدة لأحد معارفهم. واستمر استيلاء المسئولين على مقابر الشهداء بالإسماعيلية، ووصل الأمر إلى استيلاء الباعة الجائلين على مداخلها ومخارجها، وأكد الأهالى أنهم يواجهون مشقة غير عادية حينما يترددون على المقابر لدفن موتاهم أو أثناء زيارة المقابر فى المواعيد المتعارف عليها، مرجعين ذلك إلى الزحام الشديد واستيلاء الباعة الجائلين على مداخل ومخارج المقابر، سواء المسيحية أو الإسلامية.