بعد مضي أكثر من شهر على إعلان الرئيس الأمريكي المفاجئ بسحب قواته من سوريا، دفع مجلس الشيوخ الذي يقوده الجمهوريون بتشريع رمزي إلى حد بعيد يعارض خططه لأي سحب فوري للقوات من سورياوأفغانستان، في تحدٍ للرئيس الأمريكي. وجاء تصويت مجلس الشيوخ بواقع 68 صوتا مقابل 23 لصالح تعديل غير ملزم صاغه زعيم الأغلبية الجمهورية ميتش مكونيل ويعبر عن رؤية المجلس أن تنظيم "داعش" في كلا الدولتين لا يزال يشكل "تهديدا خطيرا" للولايات المتحدة، حيث يعني التصويت الإجرائي لوقف النقاش أن التعديل سيضاف إلى مشروع أمني أوسع بشأن الشرق الأوسط من المرجح طرحه لتصويت نهائي في مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل، بحسب موقع "سكاي نيوز". ويقر التعديل بالتقدم الذي تم إحرازه في مواجهة "داعش" و"القاعدة" في سورياوأفغانستان، لكنه يحذر من أن "انسحابا متعجلا" دون جهود فعالة لتأمين المكاسب ربما يقوض استقرار المنطقة ويوجد فراغ قد تسده إيران أو روسيا، فضلا عن أنه يطالب إدارة ترامب بالإقرار بأنه تم الوفاء بشرط إلحاق "هزيمة دائمة" بالتنظيمين قبل أي انسحاب كبير من سوريا أو أفغانستان. ويعتبر ذلك التحرك لمجلس الشيوخ هو الثاني في شهرين، التي يدعم فيها مجلس الشيوخ تشريعا يعارض سياسة ترامب الخارجية، غير أنه يتعين أن يصبح التشريع قانونا ليغير سياساته، ولكنه لم يتحول إلى قانون لعدم طرحه للتصويت في مجلس النواب الذي كان يقوده حينها رفاق ترامب الجمهوريون. والتأثير المحتمل لتصويت الخميس غير مؤكد بالمثل لا سيما وأن التعديل الذي قدمه مكونيل غير ملزم، ولا يوجد ما يدل على موعد طرح مشروع القانون الأوسع بشأن أمن الشرق الأوسط للتصويت إذا كان سيُطرح من الأساس. وفي منتصف ديسمبر الماضي، قرر ترامب سحب ألفي جندي أمريكي من سوريا على أساس أن "داعش" لم تعد تشكل تهديدا، وشكك في شهادة مدير المخابرات الوطنية دان كوتس أمام مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء، والتي قال فيها إن التنظيم لا يزال يمثل تهديدا. وكان ترامب قال في وقت سابق من الخميس الماضي، إنه سيعيد القوات الأمريكية إلى البلاد إذا جرى التوصل إلى اتفاق سلام لإنهاء الحرب الأفغانية المستمرة منذ 17 عاما. فيما أعلن مبعوث أمريكي خاص يوم الاثنين الماضي، أن طالبان وضعت الخطوط العريضة لاتفاق سلام، لكن لا توجد علامة على أن الجماعة المسلحة قبلت المطالب الأميركية الرئيسية. ومن ناحيته، يجد السفير رخا حسن، نائب وزير الخارجية السابق، أن ذلك القرار الثاني من مجلس الشيوخ الأمريكي يسعى إلى إحراج دونالد ترامب، وإظهار قراراته بأنها خاطئة وغير دقيقة أو سليمة. وأضاف حسن، ل"الوطن"، أن مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون حاليا يرى أن ترامب بقرار سحبه للقوات الأمريكية يسلم سوريا إلى روسيا، في ظل التأكيدات على استمرار وجود "داعش" فيها، فضلا عن الأزمة الطاحنة بين واشنطن وموسكو، مشيرا إلى أن التحرك المقبل في يد الرئيس الأمريكي لحسم ذلك الجدال.