«أنا باكره الدكاترة، باكره تعاليهم على الناس وإحساسهم إنهم فوق الكل، باكره حوجتنا ليهم واللا مبالاة منهم، باكره الانتظار بالساعات فى عيادة دكتور، ورغم الكشف الغالى جدا بيكشف علىَّ أو على حد من أولادى فى أقل من 3 دقائق، ورغم القلق اللى بيموتنى بحس إنى باحلب منه الكلام بالعافية، ومفيش كلمة تهدى قلقى، بعد تجربة مريرة مع سرطان أبى، وآلام الكلى لأمى جربنا كل المستشفيات وعشرات الدكاترة، مات خالى بحقنة بنج خطأ لم تتحرك أى جهة لمحاسبة الدكتور، وبعد تجربة ثلاثة أطفال اضطرونى للذهاب للعيادات العامة والخاصة كل أسبوع تقريبا، لم أعد أذهب لعيادة دكتور، أفضل أتصل بالأجزخانة وأقرأ كويس وصف العلاج داخل العلبة وأعالج نفسى أو أولادى، أمنيتى ألا أضطر إلى عملية جراحية وأموت وأقابل ربنا بتقفيلته»، هذه شهادة لسيدة مصرية تبدو قاسية وصادمة، لكنها تعبر بعفوية شديدة عن رؤية كثير من المصريين للأطباء، وعلاقة المضطر التى تربط المريض بالطبيب، أقدم هذه الشهادة للنقابة ربما توضع محل الاعتبار عند النظر فى أمر الأطباء وطلباتهم التى بالقطع لا نختلف معهم عليها وإن اختلفنا على آلية التعبير بالإضراب وتوقيته. الحق فى الصحة له عدة مكونات، منها الطبيب وحقه فى الحياة الكريمة والأمن، وحق المريض فى العلاج والمعاملة الكريمة اللائقة من طبيب يشرح له مرضه بكل وضوح وبدائل العلاج والأثر الذى سوف يترتب على كل بديل، حق المريض أن يكون شريكا فى اتخاذ قرار علاجه لا أن يكون قرارا فوقيا، يعبر عن المصالح المالية للطبيب أكثر من المصالح العلاجية للمريض، وهو حق مهدر من أغلب الأطباء بصرف النظر عن مستوى الخدمة الطبية، ففى المستشفيات الاستثمارية أو المستوصفات الحكومية لا يختلف الأمر إلا فى الخدمات الفندقية التى تبرر الفاتورة، بصرف النظر عن دخل الطبيب بالملايين أو الملاليم، لقد خرج ولم يعد منذ زمن طويل الطبيب المعنى بآلام المريض، المعنى بأسرته المعلقة قلوبهم بكلمة منه. مشهد الركض فى الطرقات وراء الطبيب أو الترجى له مشهد مألوف، والأخطاء الطبية التى تعصف بحياة إنسان وتدمر أسرته أمر أصبح معتادا، والنقابة تغض الطرف بل فى كثير من تحقيقات النيابة إذا أصر أهل المريض على التبليغ، يجامل الأطباء بعضهم البعض بتقارير لا تفيد بالقطع خطأ الطبيب. منذ زمن طويل والمرضى فى مهب الريح، وأذكر هنا الرسالة التاريخية التى تركها المفكر العظيم «محمد سيد سعيد» رحمه الله، والتى نشرها فى «الأهرام» قبل وفاته، فقد كان رحمه الله يعانى من مرض خطير استلزم عملية جراحية وكان رجلا ميسورا دخل مستشفى ممتازا «هكذا قالوا له»، وكان فى انتظار الطبيب قبل العملية ليشرح له تفاصيلها والأثر الذى سيترتب عليها ومدة العلاج بعدها، حتى يصبح على استعداد لتحمل الألم والصبر عليه، فإذا بالطبيب لا يأتى وبعد إلحاحه وإلا لن يدخل غرفة العمليات جاءه الطبيب على عجل، ووقف لدقائق شرح له مبلغ أتعابه وطريقة الدفع، ترك الدكتور محمد المستشفى فورا وقرر أن يموت بسلام بدلا من الموت على يد طبيب، أتعاب العملية كانت أهم عنده من تعب المريض، لم يكن الدكتور محمد الأول ولن يكون الأخير، وكنا نأمل من مجلس النقابة الجديد أن تكون أولوياته مد جسور الثقة لا معاقبة المرضى الفقراء فى مستشفيات الحكومة. إحنا آسفين يا دكاترة، من حقكم تطلبوا زيادة المرتبات لكن رجاء لا تقحموا حقوق المرضى فى معركتكم.