في زمن ليس ببعيد كان يلقب الطبيب بالحكيم ولازالت نفابة الأطباء تسمي بدار الحكمة ربما لأن المريض كان ينظر الي الطبيب علي انه صاحب الرأي السديد والنصح الرشيد للتخلص من أعراض المرض فقد كان الطبيب يستمع جيدا لمرضاه و كان المريض يستشعر في الطبيب الصدق عند الحديث معه و النصح له وربما لأن الطبيب كان يقدر معاناة المرضي وفي بعض الأوقات كان يتنازل عن أتعابه لذوي الحاجة ليستكمل علاجه وربما لأن الطبيب كان يستشعر هموم مجتمعه وأمراضه وكانت لديه الرؤيا في التوعية الصحية لأفراد المجتمع وكان جزءا كبيرا من وقت الطبيب يقضيه مع مرضاه لهذا الغرض النبيل والهام أيضا في عملية التشخيص والعلاج وظلت صورة الأطباء ناصعة حتي لقبهم المجتمع في زيهم الأبيض بملائكة الرحمة لأنه يبعث في النفس السكينة والطمأنينة لكل هذه الأسباب كان الأطباء يحصدون الحب والاحترام بل والحماية من أفراد المجتمع أنفسهم وليس من رجال الأمن حتي وإن تتطاول عليهم البعض أثناء عملهم في حالة طارئه , يأتي ويعتذر لهم عن طيب خاطر ويرجوا منهم قبول الأعتذار. فلماذا يقابل ملائكة الرحمة بهذا العنف من كثير من فئات المجتمع ولماذا يتم التعدي علي الحكماء في المستشفيات في العقود السابقة فقد الطبيب الكثير من أسباب الحكمة , فما كان يكفيه في الماضي لم يعد يكفيه في الحاضر , وبالرغم من علمه بضيق ذات اليد علي معظم فئات الشعب إلا أنه لازال مصمما علي الخمس عيون (عيادة-عروسة-عربيه-عمارة-عزبة) وأصبح الكثيرين منهم ينعون حياتهم اذا فشل في إمتلاك هذه العيون الخمس فأصبحنا نسمع عن أرقام فلكية من أسعار الكشف والعمليات الجراحية , ولم يعد لدي الطبيب الوقت الكافي ليستمع لمرضاه أو يقوم بدوره في التوعيه الصحية للمريض وأسرته وبالرغم من المحاولات الضعيفة لبعض الحكماء إلا أن الكثيرين منهم لا يبالون بنقص وسائل العلاج داخل المستشفيات الحكومية ربما لان الدولة لا تساعدهم وربما لأن ذلك في مصلحتهم ليصبح المريض صيدا سهلا للمستشفيات والعيادات الخاصة حتي ثيابهم الأبيض تخلي عنه الكثيرين وأصبح عبئا عليهم ولا يرغبون في ارتدائه وأصبح الطبيب رمزا للتأخير عن مواعيد العمل (لو تأخر أي موظف عن موعده يقال له أنت عامل فيها دكتور) كل هذه الأسباب في رأي جعلت في ضمير المجتمع نوع من الضغينة علي ملائكة الرحمة نتج عنها هذه الهجمة الشرسة علي الأطباء داخل المستشفيات الحكومية بالذات وأصبح أمام ضعاف النفوس فرصة للإنتقام من الحكماء لذلك قبل أن نلقي اللوم علي رجال الأمن لتأمين المستشفيات وقبل أن نلقي اللوم علي البلطجية علينا أن نراجع أنفسنا ونسترجع اسباب الحكمة لنصبح من جديد أطباء ولكن حكماء