من حق أى مواطن أن يُقيِّم أداء الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية، وأن يوجه إليه ما يشاء من انتقادات، وعلى الرئيس أن يستوعب أن ذلك حق الناس، كل الناس، وأن يفهم أن هذا الشعب لن يرضى بعودة عجلة الزمن إلى الوراء، ليعيش حالة «الفرعنة والفرعون» من جديد، بعد أن اكتوى بنارها سنين طويلة.. هذا الشعب لم يبق فى جسمه موضعاً إلا وفيه لسعة فرعنة أو طعنة فرعون، لذلك فقد حق له أن يحترس، وعلى رأى المبدع أمل دنقل: «رفسة من فرس تركت فى جبينى شجاً.. وعلمت القلب أن يحترس». والمثل المصرى يقول «اللى اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى». لكن ليس معنى ذلك -بحال- أن يتوقف من «اتلسع» من الشوربة عن النفخ فيها، ويكتفى بالنفخ فى الزبادى! أقول ذلك ويتراقص فى خيالى صورة أناس أجدهم «حزانى» على قرار الإطاحة بالمشير حسين طنطاوى والفريق سامى عنان. فالتخلص من المجلس العسكرى وقياداته كان فرض عين على أى شخص يتولى حكم مصر، بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، لعدة أسباب، أولها: أن هذه الثورة قامت فى الأساس بهدف التخلص من الحكم العسكرى الذى أفرزته حركة الضباط فى يوليو 1952، وثانيها: أن المجلس العسكرى الذى تولى قيادة مصر خلال المرحلة الانتقالية فعل الكثير فى الثورة والثوار. وقد كان ولا يزال رافضاً لها وناقماً عليها. وقد بدا ذلك واضحاً فى المذابح التى قام بها جنود الشرطة العسكرية طيلة الأشهر التى تلت شهر يناير 2011، بالإضافة إلى المذابح التى سمح بوقوعها بسبب رداءة أدائه وانشغاله بأمور السياسة والاقتصاد وإهماله لوظيفته الأساسية، وأبرزها مذبحة بورسعيد، ثم مذبحة شهدائنا فى رفح، لذلك فالتباكى على «شوربة» المجلس «الملسوعة»، وعدم النفخ فيها، والاكتفاء بالنفخ فقط فى «زبادى» محمد مرسى لا يعكس موقفاً موضوعياً بحال. وعلى الضفة الأخرى أجد أنه يتوجب على «مرسى» وإخوانه أن يكونوا أشد حذراً من أى وقت مضى، وأن ينفخوا هم الآخرون فى «شوربة» الشعب، فقد تكون أقل دسامة، لكنها أكثر اشتعالاً وأشد «لسعاً»؛ فوضع الرئيس بعد الإطاحة بالعسكريين أصبح أسوأ وليس أفضل، إذ لم يعد لديه الآن حجة يتحجج بها، أو ذريعة يتمحك بها، بعد أن أصبحت كل الصلاحيات التنفيذية فى يديه، وقد أضاف إليها أيضاً الصلاحيات التشريعية. لا يظنن الرئيس أن «بر» مصر قد دان له.. هيهات.. عليه أن يحذر «لسعة» الشعب فى أى قرار يتخذه وأى خطوة يخطوها، وإذا كان «مرسى» قد عمل كالنحلة وارتشف رحيق كل السلطات، فعليه أن يحذر النشوة بما ارتشف، فإذا كان هو نحلة فالشعب «دبور»!