عُدت لتوّى من زيارة خاصة لسيناء بصحبة الصديق الدكتور عماد عبدالغفور رئيس حزب النور والدكتور يسرى حماد نائب رئيس الحزب.. التقينا خلالها عدداً من قيادات الحزب والدعوة السلفية بسيناء. اللقاء كان مهماً جداً.. اشتكى فيه قادة الحزب من انتشار أفكار الجماعات التكفيرية فى سيناء انتشاراً واسعاً.. وبالسؤال عن أعداد المنتمين إليهم كانت المفاجأة بأن قالوا إن جماعة جيش الإسلام وحدها، وهى إحدى أكبر المجموعات، زاد عددها - فيما يعلمون - على ألف سيناوى حتى الآن.. المجتمعون قالوا إن التكفير فى سيناء ينقسم إلى ثلاثة أنواع.. الأول «تكفير القائمين على أمر الدولة وعلى رأسهم الرئيس لأنه لا يحكم بما أنزل الله».. والثانى «تكفير معاونى القائمين على أمر الدولة من العاملين فيها من شرطة وجيش وقضاء وكل موظف حكومى».. والثالث «تكفير جميع هؤلاء والمجتمع كله»، لدرجة أن أحد الحضور قال: «لا نعرف من يكفّر».. فجعنا الحوار المغلق جميعا سيما أن فكر التكفير يكبر ويكثر.. ولم تكن حادثة قتل الجنود إلا بداية لعمليات مسلحة من هؤلاء. كشف المجتمعون من أبناء سيناء فى هذا اللقاء عن إجراء حوارات فكرية مع بعض من هؤلاء فكانت المفاجأة أن جميع حجج وأدلة هؤلاء مستقاة من كتب أبومحمد المقدسى.. أبرز منظرى تيار «السلفية الجهادية» المنتشرة الآن فى ربوع مصر.. وأن أكثر كتبه ذيوعا فى هؤلاء هو كتاب «ملة إبراهيم» الذى يسير به هؤلاء فى الطرقات والحارات والمساجد.. لدرجة أن قال أحدهم «كلما نقول لهم أين الدليل يقول فى الصفحة كذا من كتاب الشيخ المقدسى...» والمقدسى هو نجم الجيل الجديد من منظّرى التكفير.. قبل تراجعاته التى ربما لا يعلمها هؤلاء.. فإذا كان سيد قطب هو منظّر ميلاد تيار العنف الأول، كما يذهب الكثيرون، وصاحب الموجة الأولى منه التى انتهت بقتل السادات.. ومحمد عبدالسلام فرج هو منظّر الموجة الثانية التى انتهت بالمراجعات الفكرية للجماعات الإسلامية أواخر التسعينات.. فإن أبومحمد المقدسى هو منظّر الموجة الثالثة على ما بدا لى منذ متابعاتى لعمليات القبض على المجموعات التى كان يلقى القبض عليها جهاز مباحث أمن الدولة فى عهد الرئيس السابق مبارك التى تبدأ الآن والآن.. موجة عنف فى تقديرى لن تنتهى قبل سنوات. الكتاب الأخطر للمقدسى هو كتاب «ملة إبراهيم» الذى يحاجج التكفيريون فى سيناء محاوريهم به، يبدأ فيه بقوله «بُراء.. ُبراء من حكوماتكم ومحاكمكم.. بُراء من قوانينكم ومناهجكم ودساتيركم.. إلى أوليائهم وجيوشهم وشرطتهم وأجهزة مخابراتهم وحرسهم.. بُراء» وينهى مقدمته بقوله «كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده..». الأمر جد خطير ويحتاج إلى تكاتف العلماء الربانية لمواجهة هذه الأفكار التى تنتشر.