سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فحم «أم سيد» للتدفئة والأكل المشوى: «اشترى زى ما انت عايز.. بس ما تقلبش علىّ المواجع» المرأة الستينية لا تهتم كثيراً بسنها ولا بنظرها الذى صار يخفت تدريجياً.. فهى تستيقظ يومياً فى السادسة صباحاً وتهرول نحو المحل لرص شكاير الفحم
يقف أحد الأطفال، الذى لا يتجاوز عمره 6 سنوات، بملابسه المتسخة من اللعب وسط أقرانه يحاول أن يجمع كلماته: «والنبى يا خالة.. عاوز شوية فحم علشان نلعب».. اعتادت «أم سيد» على مثل هذا الطلب من أطفال الحارة؛ فهم يأخذون منها قطعا صغيرة من الفحم يستخدمونها فى رسم ألعابهم الصغيرة على أرض الحارة مثل «الحجلة» وغيرها.. ما جعل الأطفال يحبونها، خاصة عندما توزع عليهم من حين إلى آخر فحما بالمجان. مصدر شهرة «أم سيد» فى عابدين ليس فقط من خلال الأطفال بل من مهنتها التى تبدو غريبة على امرأة فى مثل سنها وهى بيع الفحم. المرأة الستينية لا تهتم كثيرا بسنها المتقدمة ولا بنظرها الذى صار يخفت تدريجيا مع مرور الزمن، فمع دقات السادسة صباحا تستيقظ وتهرول لتفتح محلها الذى يشبه مخزنا صغيرا لترص أمامه «شكاير الفحم» وتجلس إلى جوارها فى انتظار زبون: «أصل زبون الفحم مش زى أى حد.. ده زبون المواعيد البدرى؛ لأنه بييجى من الأماكن البعيدة». سكن «أم سيد» فى إحدى الحارات القديمة بمنطقة عابدين جاء منذ 50 عاما أو يزيد، عندما جاءت مع زوجها الذى امتهن «بيع الفحم» كمصدر رزق له ولعائلته، لكن بعد وفاته صارت «أم سيد» هى المسئولة عن كل شىء: «أعمل بها منذ 30 سنة، كانت صعبة فى البداية لأن كل تعاملاتى مع رجالة بس دلوقتى بقيت شاطرة فى الكار والكل بيعمل لى ألف حساب». أسباب شراء الفحم من قِبل سكان الحارة، بحسب «أم سيد»، تختلف عن أى شخص قادم من خارجها؛ فأهل الحارة يشترون الفحم للتدفئة فى الشتاء؛ لذا يكون سعره أقل: بدل ما ببيع الكيلو ب5 جنيه، ببيعه ليهم ب3٫5 أصلهم أهل حتتى»، أما السودانيون والأسوانيون فهم زبائنها الدائمون ويكون فى الغالب من أجل المطاعم التى يعملون بها. تسكت «أم سيد» قليلا إذا سألها أى شخص عن اسمها الحقيقى وعن ابنها «سيد» تخفى دموعها قائلة: «سافر وسابنى، يلا ربنا يسامحه».