إنسان لا تعرفه ولا يعرفك، فجأة تُقرر قتله غدراً وغيلة لمجرد أنك تريد «كرسى» السلطة. كيف يمكن لإنسان أن يجد مبرراً لإزهاق روح إنسان لا يعرفه، إلا أن يكون منحط الغاية، عابث التفكير، آيساً من رحمة الله؟ كيف يمكن لإنسان أن يفعل ذلك إلا أن يكون «إرهابياً» محترفاً، على استعداد لأن يسبح فى بحر من الدماء، فى سبيل تحقيق غاياته المريضة؟ كيف يمكن لإنسان أن يفعل ذلك إلا أن يكون عديم الدين، رغم زعمه بأنه يخوض حرباً مقدسة من أجل الدين؟ وعلى الضفة الأخرى أسأل: كيف يمكن أن يسمح إنسان مسئول بوصول يد الإرهاب إلى شخص يسير فى حاله، لا به ولا عليه، أو يمارس عمله فى جنح الليل، فيغدره ويقتله، إلا أن يكون عاجزاً وفاشلاً ومهملاً، أجدر به أن يجلس فى بيته، من أن يجلس فى مكاتب المسئولية؟ كيف يمكن لإنسان مسئول أن يسمح بذلك إلا أن يكون مشغولاً بالحفاظ على كرسيه والطمع فى كرسى أعلى؟ كيف يمكن لإنسان مسئول أن يسمح بذلك، إلا أن يكون إنساناً عديم الوطنية، ولو تغنى ليل نهار بحب الوطن؟ ليس جديداً أن نقول إن أصابع الاتهام تشير إلى جماعة الإخوان وذيولها فى تفجير مديرية أمن المنصورة.. ليس ثمة مفاجأة فى الأمر. فكل خطط التنظيم الدولى التى سبق وتداولتها وسائل الإعلام تؤكد صراحة أن الجماعة قررت الانتقام من المصريين. أسلوب السلطة المؤقتة فى التعامل مع الكارثة التى توشك البلاد أن تدخل فيها هو الذى يستحق التوقف. فهذه السلطة عاينت بنفسها وزير الداخلية وهو يتعرّض لمحاولة اغتيال عقب فض اعتصام رابعة والنهضة، وقد مرت السلطة على هذا الأمر مرور الكرام، ولم تفهم أن «وزير داخلية» يعجز عن حماية نفسه سيكون عن حماية ضباطه وجنوده أعجز، ناهيك عن حماية المواطنين العاديين! ثم تعالَ إلى رئيس الوزراء المتردد فى وقت تحتاج فيه إدارة البلاد إلى شخص مقاتل. الدكتور «الببلاوى» لا يجيد القتال، إلا عندما يتعلق الأمر بإصدار قوانين كسيحة لا يستهدف منها مواجهة الإخوان، بل يحلم من خلالها بتحقيق أهداف أخرى! أما المستشار «عدلى منصور» رئيس الجمهورية المؤقت، فهو ينفق وقته فى إجراء لقاءات «كلامية» مع الشباب تارة، والقوى السياسية تارة، والعمال والفلاحين تارة، ليحسم معهم القضية الأخطر -من وجهة نظر السلطة- وهى: أيهما يجب أن يسبق الآخر: الانتخابات الرئاسية أم البرلمانية؟ نصل بعد ذلك إلى الفريق عبدالفتاح السيسى صاحب تفويض حماية المصريين من الإرهاب، ونسأل ماذا فعل به؟ لقد فلقت المصادر السياسية والعسكرية والمخابراتية رؤوسنا عبر الأسابيع الماضية وهى تتحدث عن خُطط الإخوان لإرهاب المصريين.. كل هذه المعلومات التى صدّعوا رؤوسنا بها ماذا فعلوا بها؟ لا شىء غير الكلام.. الإخوان بادروا إلى إلصاق تهمة التفجير بالسلطة المؤقتة لتحصد حاجة فى نفس «يعقوب»، والسلطة بادرت إلى اتهام الإخوان.. كلام فى كلام.. وفى النهاية لا عزاء لإنسان يموت مغدوراً فى مشهد بلا دين ولا وطن!