يمر الأخ «أيمن نور» من أمامى منذ أكثر من عشر سنوات فلا أرى سوى «قرد سياسى» فى فيلم كارتون: يقفز من موقف مخجل إلى خناقة مفتعلة، ومن كذبة محبوكة إلى بدعة مبتكرة، ومن صفقة مشبوهة إلى فضيحة بجلاجل، وما إن ينتهى من «نمرته» حتى أتقيأه وأنا قرفان: منه طبعاً.. لأنه عبيط ومتآمر، ومن نفسى إلى حد ما.. لأننى مولع بنظرية «الإنسان أصله أيمن نور»، ومن الظروف التى جعلت قرداً كهذا يتحدث فى السياسة ويمارسها ويلعب فيها دوراً -مع أنه مجرد «سنيد»- ويسمى نفسه زعيماً ومعارضاً ومناضلاً ليبرالياً، والأدهى: «رجل الإدارة الأمريكية» فى مصر! لم أضبط نفسى ذات يوم متلبساً بالاهتمام بهذا التافه الذى يتنفس كذباً ويصر على التنطيط والحنجلة والشعبطة فى أى فعالية سياسية.. ظناً منه أن التسعين مليون مواطن مصرى سيتركون أشغالهم وهمومهم ليتفرجوا على ألعابه الصبيانية الغريبة والمشينة والحقيرة أحياناً. ولا أتذكر أنه استفزنى مرة واحدة لأكتب عنه، لأن الكتابة شرف لا يستحقه، ولأن الكتابة عن ظاهرة «كلاب الشوارع» ربما تكون أكثر نفعاً وأهمية من الانشغال بتاريخه المخزى وعلاقاته المشبوهة وبطولاته الزائفة. وقد قيل لى أكثر من مرة: لا تكتب عن أيمن نور لأنه سيقاضيك، ولأنه بنى جزءاً من سمعته السياسية الفاسدة على ملاحقة خصومه قضائياً.. حتى لو كانوا زملاء مهنة، والتزمت: ليس خوفاً منه بالطبع.. بل لأننى فى الحقيقة لا أعرف ما هى مهنته: هل هو ابن المحامى الوفدى عبدالعزيز نور، أم زوج الإعلامية السابقة والناشطة السياسية جميلة إسماعيل؟. هل هو مقاول أحزاب أم مفجر ثورات؟. هل هو صحفى أم محامٍ؟. هل يحمل دكتوراه فى العلوم أم فى فلسفة القانون؟. هل هو عضو سابق فى مجلس شعب مصر أم عضو حالى فى تنظيم الإخوان الدولى؟. هل هو «وصيف» رئاسى فى عهد مبارك أم سمسار مصالحة فى عهد محمد مرسى؟.. والسؤال الأهم: أين يقف الأخ أيمن فى سلم التطور البشرى؟. منذ وصلت جماعة الإخوان إلى الحكم.. وأيمن نور يحاول أن يثبت لكهنتها أنه الوحيد الذى يستطيع أن يكون جسراً بينها وبين القوى الوطنية، مع أنه يعرف أنها لا «قوى» ولا «وطنية»، بل مجرد كيان افتراضى بغيض ومعوق، أفسد الحياة السياسية فى مصر، وكان ولا يزال سبباً فى كل الكوارث، بما فيها كارثة وصول الإخوان إلى الحكم. ويعرف أيضاً أن هذه «الجماعة» ليست «قوة سياسية»، بل محفل ماسونى مغلق.. لا يثق فى أحد ولا يقبل شراكة مع أحد، ويتعامل مع كل الفاعلين فى المشهد السياسى باعتبارهم «أغياراً»، ما إن يأخذ غرضه منهم حتى يلوثهم أو يقصيهم أو يحرقهم إذا لزم الأمر. وإذا كان الأخ أيمن قد قبل على نفسه -قبيل وصول الإخوان إلى الحكم- أن يخلع نعليه على عتبة المرشد، وأن ينحنى ليقبل يديه.. فإن من الطبيعى بعد ذلك أن يرتمى فى أحضانهم ويتحالف معهم ويتصدر الحضور فى مؤامراتهم، أملاً فى الفوز بحصة من كعكة الحكم. وعندما بدأت بشائر سقوط الإخوان بذل الأخ أيمن جهوداً جبارة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. حتى إنه دبر لقاء فى منزله بين كاهن الجماعة القوى خيرت الشاطر وعمرو موسى لتقريب وجهات النظر، لكن اللقاء لم يسفر إلا عن فقاعة صحفية، ووعد لم يتحقق -كالعادة- بأن الأخ أيمن سيعتزل العمل السياسى، وشائعة بأن محمد مرسى كلفه بتشكيل حكومة إنقاذ! منذ وصول الإخوان إلى الحكم وثمة رائحة خيانة تفوح من الأخ أيمن. وبعد اندلاع ثورة 30 يونيو تأكد لى وللكثيرين أن هذا ال«أيمن» باع روحه الخربة للشيطان، ولم يعد يفصله عن تهمة الخيانة سوى أمر ضبط وإحضار. اقتفى أثر أبيه الروحى محمد البرادعى -كبيرهم الذى علمهم الخيانة- وهرب إلى بيروت، ومن هناك بدأ يسفر عن وجهه القبيح. كيف خرج، ولماذا خرج فى هذا التوقيت، ومن الذى ينفق عليه، وما نوع المهمة التى يؤديها؟ الإجابة واضحة: أيمن نور «ينفى» عضويته فى تحالف دعم الشرعية، ونفى أيمن إثبات. أيمن نور يشارك فى مؤتمر لتحالف دعم الإخوان فى العاصمة الماليزية كوالالمبور لمناقشة استراتيجية ما سموه «مرحلة ما بعد الإطاحة بالانقلاب». أيمن نور يعرب عن أمله فى «كسر الانقلاب» من دون كسر مصر: «بلاش نضحى بالأم والجنين مع بعض». أيمن نور ضيف دائم فى قناة الجزيرة، وفى سلة واحدة مع فيلق الخونة الهاربين. أيمن نور فى قطر ينسق مع المسخ اليمنية «توكل كرمان» لإسقاط الجيش المصرى. توكل تصف أيمن بأنه «ربيعى.. قبل أن تبدأ ثورات الربيع العربى». أيمن يصف ثورة 30 يونيو بأنها مظاهرات أعقبها انقلاب. أيمن نور «بيعمل عجين الفلاحة».