سطر اسمه بحروف من نور، من أهم شباب السودان المثقف، سيرته الذاتية حافلة بالأعمال الفنية التي تجعله من أهم فناني السودان، عاش آخر سنوات حياته في مصر، وشارك ثوارها في رسم الجرافيتي؛ ليعبر عن ثورة بلد عاش في ظلها.. إنه الروائي والتشكيلي محمد بهنس صاحب رواية "راحيل" الشهيرة. تعاملت الناس معه على أنه شخص متشرد أو مجنون، لا يعرفه سوى النشطاء والمترددين على مقاهي وسط البلد؛ بسبب تدهور الحال به، فمات مثل كثيرين ممن لا يجدون مأوى يحميهم من البرد القارس. خبر وفاة الفنان محمد حسين بهنس، كما أكدته صفحة الجالية السودانية، أنه توفى منذ عدة أيام إثر موجة البرد التي شهدتها البلاد، خلال الأيام الماضية، حيث وجد "ميتا" بميدان إبراهيم باشا بالعتبة. بهنس جاء إلى مصر منذ عامين، وأصيب بحالة نفسية سيئة؛ بسبب ظروفه الشخصية من "طلاق وتركه لباريس التي حقق فيها طموحه الفني والأدبي".. لينتقل إلى شوارع القاهرة، بلا عمل ولا وسيلة للعيش فيقضي نهاره هائما ويقضي ليله بجانب ميدان إبراهيم باشا، لم يجد من يساعده أو يتكفل بنقله للسودان لتلقي العلاج اللازم؛ "لتحسين حالته النفسية". "كنت فاكره (متشرد أو شحات)، لما حكيت معاه مرة اكتشفت إنه من أحسن الفنانين التشكيليين وعمل معرضا ناجحا جدا في فرنسا"، كما يروي أحمد نجيب شهادته عن بهنس. ويضيف: "رسم قبل كدا جرافيتي في جراج محمود بسيوني في طلعت حرب، وكان بيساعده واحد صاحبنا اسمه كريس من السودان، عنده محل ملابس لحد ما كريس مات.. ومن بعده مات بهنس". بصوت حزين ومتقطع، يعود أحمد إسلام، أحد النشطاء، بذكرياته مع بهنس قائلا: "الله يرحمه مكنتش أعرف إنه فنان تشكيلي وشاعر، كان محترم جدا وكان بيسجد لربنا كل شوية في أي مكان". ويضيف: "لما يعوز ينام أيام الاعتصامات يجي ينام جنبنا ويصلي قبل ما ينام، عاش شاردا في الدنيا ومات من البرد". بهنس فنان عصامي وُلد بالسودان، قبل اثنين وأربعين عاما، أقام معرضه الأول للتلوين بالخرطوم في عام 1999، وبعد مشاركته المتميزة خلال ندوة "لغة الألوان"، التي نُظمت بألمانيا في عام 2002، إلى جانب خمسين فنانا إفريقياً آخر، أقام بهنس معرضا بالعاصمة السودانية، تبعه آخر بأديس أبابا في إثيوبيا، قدم خلالهما لوحاتا وأعمالا فوتوغرافية. شهرة "بهنس" لم تقتصر فقط على المستوى المحلي في السودان، في مايو 2005، نشرت صحيفة "أنباء الجنوب"، وهي الصحيفة المحلية الأوسع انتشارا في الجنوب الفرنسي، مقالا عن أعماله بمناسبة افتتاح معرضه بمدينة بانات.