ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن موجة الاحتجاجات المناوئة للحكومة التي اجتاحت جميع أنحاء تركيا، مر عليها نحو ستة أشهر، لكن التبعات القضائية لم تتضح سوى في هذه الأيام. وقالت الصحيفة إن النائب العام في إسطنبول قال إن 255 شخصا من بينهم سبعة أجانب، أدينوا في جرائم تتعلق بمظاهرات شهر يونيو الماضي في كبرى المدن التركية، حسبما أفادت تقارير إخبارية. وأضافت الصحيفة الامريكية، أن المشتبه بهم وجهت إليهم مجموعة واسعة من التهم، من بينها إهانة الشرطة، وانتهاك قانون التظاهر العام، وتدمير ممتلكات عامة، مشيرة إلى أنه خلال المظاهرات التي استمرت شهرا قتل ستة أشخاص، من بينهم خمسة متظاهرين ورجل شرطة، فيما أصيب الآلاف. ولفتت الصحيفة إلى أن صيف تركيا تحول من احتجاج سلمي للاحتفاظ بحديقة "جيزي" في أسطنبول، إلى حركة مناهضة للحكومة على اتساع الدولة، قاومتها الشرطة من خلال قمع التجمعات بالعنف، مشيرة إلى أن الجماعات الحقوقية حذرت مرارا من أن المحاكمات يجب ألا تصل إلى حد الاضطهاد، وأن تعاقب أمثلة لعنف الشرطة، مثلما يتم مع المحتجين المدانين بالعنف. ونقلت الصحيفة عن الباحث أندرو جاردنر، الباحث في الشؤون التركية بمنظمة العفو الدولية قوله: "في الغالبية العظمى من القضايا، تبدو الانتهاكات من جانب الشرطة إلا أنها لا تخضع للعقاب". وأشارت "وول ستريت جورنال"، إلى أن المراقبين يدعون أيضا أن هناك مخالفات في بعض من المحاكمات المرتبطة بالاحتجاجات، بالإضافة إلى أن القضاة انسحبوا من المحاكمة مطلع الشهر الحالي، وأحالوها إلى محكمة أخرى في العاصمة أنقرة ل"ضمان الحيادية". وفى سياق متصل، ذكرت صحيفة "آيدنلك" التركية أمس، أن أهم المؤشرات التي تؤكد انخفاض شعبية أردوغان هي فشل جولته في مدن منطقة "تراقيا" ، حيث ألقى كلمة في ساحة فارغة تقريبا، على خلاف خطاباته السابقة التي كانت تشهد إقبالا من المواطنين، وعلى الرغم من سيطرة قادة حزب العدالة والتنمية على وسائل الإعلام، فإنهم يتوقعون أن تكون نسبة الأصوات التي تساندهم لاتقل عن 52 % إلا أن الواقع يؤكد أن أصوات الحزب الحاكم انخفضت إلى 39%. وأوضحت الصحيفة التركية، أن الأموال الساخنة هي مصل سلطة أردوغان، ولكنه حرم من هذا المصل في الآونة الأخيرة، حيث اعتمد أولا على النفط والغاز في شمال العراق، ولكنه لم يستطع اجتياز جدران بغداد، وثانيا على الأموال القادمة من قطر، ولذلك أجرى مؤخرا زيارة رسمية لها ليطالب بإعادة إدخال مشروع محطة إنتاج الكهرباء، والبالغ قيمته 12 مليار دولار حيز العمل مجددا، بعد إلغائه من قبل الشركة الوطنية القطرية قبل ستة أشهر، لكنه لم يحصل على أي رد، فيما عدا تأمين وصول خمس سفن قطرية محملة بالغاز المسال. ويبدو أن أردوغان في وضع صعب ليس في الداخل فحسب بل في الخارج أيضا، حيث لم تتوصل حكومته حتى الآن إلى إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ولم تتوصل إلى عزل أربيل عن بغداد ، بالإضافة إلى عزل تركيا عن اتفاق الغرب مع إيران، وطرد مصر للسفير التركي بالقاهرة بسبب سياسته الموالية لجماعة الإخوان المسلمين، وخسارته المملكة العربية السعودية، وبالتالي أصبح منعزلا عن دول المنطقة، ما اضطر رئيس الوزراء التركي لإرسال رسائل مفادها إمكانية تقديمه تنازلات واتخاذ خطوات إلى الوراء. وأشارت "آيدنلك"، إلى أنه علاوة على ذلك ، انقطعت اتصالات الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأردوغان منذ شهر مايو الماضي، خاصة بعد تغيير واشنطن لسياستها الخارجية مع إيران وسوريا، وعندها بدأ أردوغان في الانحدار إلى الأسفل. وأبدى الاتحاد الأوروبي انتقاداته إزاء فتح دعوى جنائية ضد جريدة "طرف" التركية ومراسلها "محمد بارانسو" من قبل أكبر المؤسسات الرسمية، وذلك عقب نشرها وثائق رسمية "سرية" تشير إلى اتخاذ أعضاء مجلس الأمن القومي قراراً بتصفية "حركة الخدمة وجماعة النور" في عام 2004، كما تكشف الغطاء عن عملية التشهير بالموظّفين من مختلف الجماعات الإسلامية في القطاعين العام والخاص، عبر جمع معلومات بحقهم وفقاً لنزعاتهم الإيدولوجية أو الدينية. وذكرت وكالة "جيهان" أن المفوضية الأوروبية أعربت عن اعتراضها على تدخّل الدولة في وسائل الإعلام أيا كانت صورته، منبّهة إلى المادة العاشرة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وأكّدت المفوضية أن هذه القيود لا تضعها إلا المؤسسة القضائية، ولا بد أن تكون متوافقة مع القانون واجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.