"قلت لابن أخويا الإخوان دول ظلمة ابعد عنهم، بس حقه مش هيضيع".. ناصر أبو ضيف. "الرئيس مرسي قال للسيسي ووزير الداخلية كله إلا الدم.. ولكن سال الدم".. أحمد مكي، وزير العدل الأسبق. "خفت عليه بس قاللي أنا نازل أحمي الشرعية.. مش عايزة الريس مرسي يتنازل عن دمه اللي راح دفاعا عنها "... زوجة محمد خلاف "عضو بجماعة الإخوان". "الإخوان ضربوني بالحجارة والجزم على دماغي.. وقالولي إنتوا كلاب وعلمانيين ومأجورين، مين اللي بعتك يا بلطجي؟".. المهندس مينا فيليب. أربعة جمل تعكس مدى غموض واقعة، كانت بداية الشرر الذي استعظم ليأتي على أخضر ويابس سلطة جديدة لم تكد تستقر على مجالس الحكم.. أحداث الاتحادية، التي أسالت الكثير من الحبر، ما بين أخذ يدفع باتهام السلطة بقتل الصحفيين والاعتداء على الناشطات، ورد يؤكد وجود مؤامرة دفعت مؤيدي الرئيس المعزول للنزول وحماية شرعية النظام الوليد، ضد بلطجية اغتالوا ثمانية من الشباب المؤيدين للشرعية. الزمان: الأربعاء الخامس من ديسمبر 2012 المسرح: محيط قصر الاتحادية الرئاسي المشهد: حالة من الهرج والمرج والهتافات المتباينة التي تداخلت مع قنابل الدخان المسيل للدموع، لتصنع سحابة من الضجيج والاشتباكات، انقشعت مخلفة عشر جثث ومئات الجرحى، فضلا عن سيول من الاتهامات المتبادلة بين مؤيدي الرئيس المعزول ومعارضيه. الأسباب: بالنظر للأسباب المؤدية لوقوع الحدث، نجد أن الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس السابق محمد مرسي في 22 نوفمبر 2012، هو مربط الفرس، حيث قوبل من معظم أفراد الشعب المصري بالحدة في التفسير، سواء بالتأييد الشديد أو المعارضة الشرسة. أدى الإعلان الدستوري لخلق حالة من الحراك في الوسط السياسي، فتأسست جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، التي ضمت العديد من الرموز، التي وإن اختلفت في توجهاتها، إلا أنها اتفقت على معارضة نظام مرسي، وجمعت كل القوى السياسية المعارضة لنظام الإخوان في تشكيل ضم أكثر من 35 حزبًا وحركة، دعوا للخروج والتظاهر من أجل مطالب تصاعدت حدتها تدريجيا إلى حد الوصول إلى دعوة المصريين لإسقاط نظام مرسي بعد عدة أشهر من تنصيبه رئيسًا لمصر الثورة. في المقابل، اتحدت القوى الإسلامية الفاعلة في الشوارع، نصرة لإعلان دستوري ثمنوا ما نص عليه، ورأوه السبيل الوحيد للفكاك من قيود نظام فاسد استمر مسيطرًا على مفاصل الدولة لعقود. وفي ظل الخلاف الحاد، ودعوات الحشد من الجانبين، خرج الآلاف من معارضي الرئيس السابق، إلى محيط قصر الاتحادية الرئاسي، للتنديد بالإعلان الدستوري، ومشروع دستور 2012، وهو ما قابله هبة أنصار مرسي إلى محيط الحدث، لتندلع اشتباكات دامية. روايتان: وكأنهما حدثان مختلفان تمام الاختلاف، خرج كل طرف في الأزمة برواية متباينة عن الأحداث يتهم فيها الجانب الآخر بالعنف والبلطجة والقتل. فرأى مؤيدو الإعلان الدستوري أن المتسبب في الأحداث هم مجموعة من فلول النظام السابق، الذين تحالفوا مع مرشحين سابقين للرئاسة، وتآمروا مع أطراف حكومية من أجل الخروج على الشرعية وإسقاط نظام مدني منتخب ديموقراطيًا، فخرجوا إلى قصر الاتحادية من أجل تنفيذ هدفهم، مستترين ببلطجية مأجورين، قتلوا ثمانية من الشباب المؤيدين للشرعية. وعلى الجانب الآخر، اتهمت القوى المعارضة للإعلان الدستوري، جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها بالهجوم على المعتصمين أمام القصر، والاعتداء على الناشطات، ماكان سببا في اندلاع الاشتباكات، التي قتل خلالها المصور الحسيني أبو ضيف، محملين المسؤولية الجنائية لعديد من قيادات الجماعة، على رأسهم عصام العريان ومحمد البلتاجي، والمسؤولية السياسية للرئيس السابق محمد مرسي بصفته المسؤول الأول عن أمن البلاد وحماية المتظاهرين. ومابين اتهامات متبادلة، ونظام راحل، وأيام تعج بالعديد من التقلبات المتسارعة، مر عام الواقعة، لتنضم إلى سابقاتها، ويلتحق بها أحداث أكثر دموية، ساهمت في خفوت ذكرى حدث ساهم بشكل أو بآخر في تعميق الفجوة بين فريقين، يبدو أنهما خسرا كثيرا بتوجيه كل منهما فوهات هجومه إلى الطرف الآخر.