أدان المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بقوة، استخدام قوات الأمن العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين أثناء فضها لتظاهرتي الأمس، مؤكدا أن هذا يمثل انتهاكا جديدا من الشرطة المصرية للحق في التظاهر السلمي الذي كفلته كافة الدساتير المصرية، كما تضمنه العهود والمواثيق الدولية التي وقعت مصر عليها وأصبحت ملزمة لها. وأكد المركز المصري، في بيان أصدره اليوم، أن قانون قمع الحق في التظاهر السلمي يعد باطلا وفي حكم المعدوم خاصة مع صدوره عن سلطة مؤقتة غير منتخبة ولا تملك أي تفويض من الشعب بانتقاص حقوقه والنيل منها. وأشار إلى أن القانون ذاته لا يخول للشرطة حق استخدام القوة لفض أي مظاهرة لمجرد أن منظميها لم يتقدموا بإخطار السلطات بها، كما لا يسمح باستخدام القوة المتدرجة لفض تظاهرة إلا في حال خرق المشاركين فيها الاشتراطات الواردة فيه والتي تتعلق في مجملها بسلمية التظاهر وعدم تعريض الأفراد والمنشآت للخطر، وحيث أنه لم يصدر عن المشاركين في التظاهرتين أي خروج عن هذه القواعد يعتبر استخدام القوة ضدهم مخالفا للقانون ذاته الذي اتخذته الشرطة ذريعة لفضهما. ورصد المركز المصري للحقوق، خلال تقريره، أن قوات الشرطة والأمن المركزي استخدمت القوة المفرطة لفض تظاهرتين خلال ساعات قليلة من ظهيرة الأمس، الأولى تجمع فيها العشرات أمام نقابة الصحفيين بقلب القاهرة لإحياء ذكرى الشهيد جابر صلاح المشهور ب"جيكا"، بينما تجمع عدة مئات من المتظاهرين، بعد ذلك بساعات، أمام مقر مجلس الشورى لإعلان رفضهم لمادة المحاكمات العسكرية للمدنيين في مشروع الدستور الجديد، وذلك أثناء انعقاد لجنة الخمسين المنوط بها إعداد المشروع في مقر المجلس. ووجهت قوات الأمن في كل حالة تحذيرا بفض التظاهرة قبل شروعها في ذلك بخمس دقائق، ولكن بعد قيامها بمحاصرة المتظاهرين، ثم استخدمت مدافع المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، وفي أعقاب ذلك شرعت قوات الأمن في تعقب المتظاهرين رغم تفرقهم وقامت بضرب وسحل واعتقال أعداد كبيرة منهم، وتم احتجاز المعتقلين في التظاهرة الثانية داخل حديقة مجلس الشورى بالمخالفة للقانون والأعراف البرلمانية. وجدد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رفضه لما أسماه بقانون قمع الحق في التظاهر، مطالبا الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور بوقف العمل به فورا وإرجاء إصدار أي قانون مماثل إلى حين انتخاب برلمان منتخب يكون له حق التشريع المدعوم بالشرعية الشعبية. كما يطالب المركز بالإفراج فورا عن كافة المعتقلين اليوم وفتح تحقيق من قبل النيابة العامة فيما ارتكبته قوات الشرطة من اعتداء بدني عنيف على المتظاهرين دون مسوغ قانوني. ويعيد المركز المصري التأكيد أن محاولة إعادة قبضة الدولة الأمنية حارسا على مسار العمل السياسي ستبوء حتما بالفشل ولن تورث النظام الحالي إلا مصير سابقيه، وأن التذرع بالحرب على الإرهاب والحاجة إلى حفظ أمن المواطن والدولة حجة واهية سقطت فعلا في أول اختبار عملي. واختتم المركز المصري تقريره مؤكدا أنه لن يتحقق الاستقرار بشرعنة فوضى العنف الشرطي ضد من يستخدمون حقهم الطبيعي في الاحتجاج السلمي، ولن يستعاد الأمن المفقود بإطلاق يد الشرطة لممارسة عنفها بلا قيود في شوارع مصر. السبيل الحقيقي الوحيد لتحقيق الاستقرار واستعادة أمن المواطن والمجتمع هو بناء دولة الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية التي خرجت الجماهير في 25 يناير للمطالبة بها.