الأمر يبدو مرتبكًا، ليست الحركة ككل يوم. الخارجون من المحطة أكثر من الداخلين. المحطة مكتظة لا يوجد مكان لموضع قدم. الجميع يسأل الآخر، علَّه يجيبه عن السؤال الذي لا يعرف أحد إجابته، لماذا تأخر وصول المترو؟ المئات اصطفوا، وانتظروا الإجابة، التي تناقلتها ألسنة المواطنين، "فيه عطل أصاب المترو"، وما هي إلا 10 دقائق وسيعاود العمل. الجميع ينظر في ساعته أو هاتفه النقال، ويشاور نفسه هل ينتظر أم يخرج لسطح الأرض لارتياد وسيلة حتى لا يتأخر عن العمل. الكثير فضل البقاء "مش مشكلة 10 دقائق أرحم من زحمة المواصلات". لكن أمال الركاب في أن تتحقق وعود العاملين تتبدد مع مرور الوقت، ومع اشتداد حرارة الجو، واشتداد الزحام، ينادي المذيع الداخلي للمحطة على أفراد الشرطة والأمن والناظر، يطلب منهم التواجد على رصيف المحطة، يلبون نداءه، يطلبون من منتظري الفرج الابتعاد عن حافة الرصيف، لكن الزحام لا يدع لهم سوى هذه المنطقة الضيقة للوقوف فيها، أخيرا يدخل المترو محطته في بطء شديد، مكدسا بعدد كبير من الركاب، لا يحتمل الواقفين على المحطة، لكن تأخر كل منهم على عمله وعلى مواعيده يدفعهم للمغامرة وركوب ما هو أشبه ب"علبة السردين". مع كل محطة يزداد الزحام، تتأفف الفتيات والسيدات من تكدس الرجال الشديد حولهن دون أن يعبأ الرجال بذلك، فحرارة الجو التي ترتفع أكثر وأكثر داخل عربات المترو المغلقة، والتصاق أجسادهم ووجوههم بزجاج العربة، لا يجعلهم يفكرون إلا في الخلاص، وحتى الخلاص قد تأخر كثيرا ولم يأت في بعض الأحيان، الأمر الذي دفع عدد كبير من ركاب المترو، إلى مغادرته والتوجه للمواصلات العادية، والتي شهدت بدورها ازدحاما شديدا، تسبب فيه توقف المترو لنصف ساعة كاملة، ثم عودته للعمل لكن بثلث طاقته المعهودة. يقول أحد ركاب المترو خط الجيزةشبرا الخيمة، إنه ذهب إلى محطة الجيزة ووجد الركاب يغادرون المحطة متخذين طريق كوبري الجامعة، وهو ما أثر على الكوبري وشل حركة المرور حتى جامعة القاهرة، وبداية شارع الدقي. الأهوال في عربة السيدات كانت أكثر وأشد حدة، حيث وجود الأطفال والعجائز واختناق الفتيات، أبرز المشاكل التي واجهت الراكبات؛ حيث توقف المترو بين محطتي حلمية الزيتون وحدائق الزيتون عشر دقاق كاملة مع إغلاق الباب عليهن، وهو الأمر الذي أصابهن بالقلق، وأبكى الأطفال من شدة الحر وعدم وجود متنفس. إحدى الراكبات بعربة السيدات قررت مغادرة المترو، لكن البديل كان سيئا للغاية، وتصف أنها استقلت تاكسي أشبه بالميكروباص، كان يستقبل الركاب إلى جانبها، أما عن الطريق فلم يكن أفضل حالا من كل طرق القاهرة في هذا الوقت، حيث "كوبري أكتوبر واقف من أول طلعة غمرة لحد نزلة التحرير". خط المرج حلوان، شهد حركة غير مسبوقة على حد تعبير أحد الركاب، حيث يقف المترو على رصيف المحطة، وخلفه بمسافة قليلة جدا مترو آخر، وثالث في خلفيتهم، والثلاثة يتحركون ببطء شديد، ويصف المشهد "لو مشيت جنبه هتبقى أسرع منه"، بالإضافة إلى وقوفه في كل محطة من 10 دقائق إلى ربع ساعة، وهو الأمر الذي أثار استياء الركاب وأرهقهم الحر الشديد، وأطلقوا الشتائم على هيئة مترو الأنفاق ورئيسها والعاملين بالمترو والسائق، كما قام آخرون بقذف عربة السائق بالحجارة، وهو ما ترتب عليه، تحطيم زجاج العربة.