بدأت المؤسسات الدينية مواجهة للجمود الفكري، وخصصت الأوقاف خطب الجمعة وعدد من الندوات العلمية لمواجهة الظاهرة، وبدأ الأزهر العديد من الحملات وورش العمل لوعاظه لمواجهة المتشددين وحالة الجمود الفكري. وقال الدكتور محمود مهنا عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الندوات تشمل بيان فضل العلم والعلماء وكيفية التكوين العلمي للعالم والطريق للوصول للقب عالم شرعي، ليعلم الجاهل المفتقد للوسائل العلمية مدى جهله، كذلك لا بد من توضيح قيمة وأهمية العلم في الإسلام فأول آية نزلت فيه كانت تطالب بالعلم، والتأكيد عبر الدعاة والعلماء أن الأمم إنما يهدمها الجهل والجهلاء، وأنه لا بد من سلوك طريق علمي طويل ومؤهلات علمية كثيرة حتى يكون للإنسان رأي في تفسير النص الديني. وتابع مهنا، في تصريح صحفي: المتشددون الجامدون يتحججون بالتراث وهو منهم براء، فهم ظاهريون جاهلون بأن الإسلام تراث ومعاصرة ولا بد أن نفهم الحديث في ضوء التراث وقواعده، والتراث في ضوء الحديث ومكتشفاته، وأكد أنه لا بد من احترام العلماء الثقات وتكريمهم لأن العالم حينما يرى احترام المجتمع له ينشط ويعمل، وحينما يرى الجاهل نماذج للعالم الديني الحقيقي والتكريم الذي يحظي به سيردعه ذلك ويجعله يخجل من نفسه ولا يدعي علما أو فهما في الدين. فيما قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن الإسلام جاء ليحقق مصالح العباد وتحقيق المصلحة هو من صميم شرع الله، فحيث تكون المصلحة فثمة شرع الله، وفهم جوهر الدين ومقاصده مفتاح كسر الجمود الفكري. وأضاف: البعض ممن أصيبوا بالجمود الفكري وسوء الفهم ممن ليسوا أهلا للفتوى أو الدعوى يعكسون الأمور، فبدل أن يدركوا أن الأصل في الأشياء الحل والجواز ما لم يقم دليل قاطع على التحريم جعلوا الأصل هو التحريم ما لم يقم دليل على الجواز، كما أنهم يلبسون أمور المباحات والعادات ثوب العقائد والعبادات خطأ وجهلا. وتابع أن البعض يتخذ من التدين الشكلي غطاء يستر به نقائصه، فيكونون فتنة للناس حيث إنهم لا يعرفون من الدين سوى الشكل والمظهر مع إضاعتهم اللباب والجوهر، فهؤلاء طمس الله بصيرتهم وإدراكهم، لمتاجرتهم بدين الله عز وجل واتخاذهم إياه ستارا لعمالتهم وخيانتهم وأطماعهم ومصالح جماعاتهم المتطرفة المستخدمة رأس حربة لأعداء دينها ووطنها، ما صار لزاما معه أن يبذل كل منا وسعه وغايته لبيان صحيح الإسلام وعظمة منهجه القائم على تحقيق مصالح البلاد والعباد من جهة وكشف طبيعة الجماعات الإرهابية المتطرفة وبيان زيغها وزيفها وضلالها وعقم وانحراف أفكارها من جهة أخرى، واعتبار القيام بذلك من فروض الكفايات على المجتمع مع تعينه على أصحاب الفهم المستنير علماء وكتابا ومفكرين. وأضاف أن الوزارة تعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة، ومواجهة الجمود والانغلاق الفكري، وبيان سعة الشريعة الإسلامية ومرونتها من جهة، وجعلت عنوان إحدى خطبها عن: "فهم مقاصد السنة النبوية ضرورة عصرية لمواجهة الجمود الفكري". وقال الدكتور محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن المجمع عقد عدة ورش عمل تفاعلية لوعاظ الأزهر من مناطق متنوعة بعنوان "كيف تحاور متطرفا"، ضمن خطته الجديدة التي تقوم على تأهيل هؤلاء الوعاظ وتدريبهم على إجراء الحوارات والنقاشات الفكرية، وموجهة الجمود الفكري، ومخاطبة الشباب وشرائح المجتمع المختلفة بطريقة واضحة وعملية تيسر عليهم التعرف على مغالطات تيارات العنف والتكفير. وأضاف أن الورش ألقت الضوء على بعض المفاهيم والمصطلحات المرتبطة بفكر الجماعات المتطرفة التي تعمل على تلويث عقول الشباب بالأفكار المنحرفة، وعلمت ورشة العمل على بيان رؤية الأزهر الشريف في التعامل مع هذه القضايا لحماية الناس من خطرها.