قليل الكلام، يعشق الهدوء، عُرف دوماً بتكتمه، يعمل فى صمت، استطاع أن يجذب الأنظار إليه بشكل لم يتوقعه أحد، فحصل على اهتمام الجميع، راح الكل يبحث عن وسيلة يجتذبه بها نحوه، حتى «تل أبيب»، التى تؤكد «واشنطن» أنها أقوى حلفائها، راحت تبحث عن وسيلة تتقارب بها إلى «الدب الروسى» الذى ظهر على ساحة الشرق الأوسط بقوة ليخطف الأنظار والنفوذ من «الكاوبوى الأمريكى». الرئيس الروسى فلاديمير بوتين رجل استخبارات من الطراز الأول، تحول إلى سياسى بارز ثم زعيم فى نظر شعبه ثم قائد قوى التف الجميع حوله لإنقاذ البلاد من الانهيار الاقتصادى والسياسى بعد تفكك الاتحاد السوفيتى، فقد أعاد إلى الروس ثقتهم بأنفسهم بعد أن شفى البلاد من شبح الانهيار. يقول عنه المحللون إنه «رجل بلا وجه ولا روح»؛ فالمعلومات القليلة التى يعرفها الناس عنه تضفى إليه صفة جديدة هى «الغموض». اختارته مجلة «فوربس» الأمريكية «رجل العام» كأقوى زعماء العالم لعام 2013، بعد أن تغلب على نظيره الأمريكى باراك أوباما وأربك حساباته فى أكثر من موقف؛ فقد استطاع «القصير الطموح» أن يسحب البساط فى الشرق الأوسط من تحت الإدارة الأمريكية بكل سهولة.. ولعل أكثر ما سهل عليه المهمة هو غباء الإدارة الأمريكية فى التعامل مع أزمات المنطقة، بداية من موقفها من الأزمة السورية وحتى خفضها المساعدات العسكرية لمصر. منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسى، حلّقت الشائعات فى أنحاء العالم عن نية «موسكو» إعادة التقارب مع مصر ومنحها مساعدات عسكرية ضخمة لإعادة التعاون العسكرى المفقود منذ حرب أكتوبر 1973، إلا أن «بوتين» فضّل التزام الصمت والعمل من وراء الستار.. ودون مقدمات، أعلنت وزارة الخارجية الروسية عن نية وزيرى الدفاع والخارجية الروسيين زيارة مصر بصحبة مسئولين دفاعيين وشركات تصدير الأسلحة الروسية مع بث رسائل إضافية تشير إلى زيارة الرئيس الروسى إلى مصر لتوطيد العلاقات الروسية - المصرية. ربما لا ينطبق عليه لقب «الدب الروسى» بقدر ما ينطبق عليه لقب «الثعلب»؛ فهو يتمتع، بامتياز، بصفات برجه (الميزان)، التى تميزه بالدهاء السياسى والإصرار على إعادة روسيا إلى سابق عهدها فى صدارة الدول العظمى.. نجح بامتياز فى مهمته، فلا ينكر ما أنجزه الرجل خلال سنوات حكمه، حتى أصبحت روسيا الآن «دولة ذات نفوذ».