البورصة المصرية تربح 10.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    «جوتيريش»: 75% من سكان غزة نزحوا مرات ومرات بسبب الاعتداءات الإسرائيلية    وزارة العمل : ملتقى توظيف "لذوي الهمم" بالتعاون مع 9 شركات قطاع خاص بالأسكندرية    رئيس جامعة كفر الشيخ: يجب تعظيم الاستفادة من الأجهزة والمعامل البحثية بالكليات والوحدات    «التعليم»: فتح باب التحويلات بين المدارس أول يوليو.. تعرف على الضوابط    رئيس جامعة العريش يناقش خطة الأنشطة الطلابية الصيفية ويكرم المتميزين    «عيار 21 الآن بكام؟».. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 11 يونيو 2024 في الصاغة (تفاصيل)    رئيس الوزراء يلتقي رئيسة بنك التنمية الجديد التابع ل «تجمع البريكس»    «الضرائب»: نتواصل مع مجتمع الأعمال الخارجي لتحفيز بيئة الاستثمار محليًا    رئيس جامعة بني سويف يرأس عددا من الاجتماعات    المستشار الألماني يطالب بمزيد من الدفاع الجوي لأوكرانيا    مواعيد مباريات منتخب مصر المقبلة فى تصفيات كأس العالم.. إنفو جراف    حدث في اليورو.. منتخب فرنسا الناجي الوحيد من النسخة الأولى    «قلبي معاه».. شوبير يكشف تطورات جديدة في أزمة رمضان صبحي مع المنشطات    «الداخلية»: ضبط 502 مخالفة عدم ارتداء خوذة وسحب 1210 رخصة خلال 24 ساعة    مواصفات امتحان الاقتصاد والإحصاء للثانوية العامة 2024.. اطلع على الأسئلة المهمة    للمرة الأولى بالحج..السعودية تدشّن مركز التحكم والمراقبة لمتابعة حركة مركبات بمكة المكرمة    كان عايز يديله التحية.. القصة الكاملة لخناقة شقيق كهرباء ورضا البحراوي    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    عزاء الفنانة مها عطية الخميس فى مسجد عمر مكرم بميدان التحرير    صحة بني سويف: إحالة واقعة إصابة 29 طفلا ب "طفح جلدي" للنيابة    رئيس هيئة الدواء: نواقص الأدوية موجودة في كل دول العالم ونعمل على توفير الأساسيات    «الصحة» إدراج 45 مستشفى ضمن البرنامج القومي لمكافحة المقاومة لمضادات الميكروبات    «الدفاع الروسية»: بدء المرحلة الثانية من مناورات القوات النووية غير الاستراتيجية    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    ضبط 7 مليون جنية حصيلة الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    رونالدو يقود تشكيل البرتعال المتوقع أمام أيرلندا في البروفة الأخيرة قبل يورو 2024    تقارير: تشيزني على بعد خطوات من الانضمام للنصر    القباج تؤكد دور الفن التشكيلي في دعم التنمية المستدامة وتمكين المرأة    «العقرب» لا يعرف كلمة آسف.. رجال هذه الأبراج الفلكية يرفضون الاعتذار    هل على الغنى الذى لا يضحى عقوبة؟.. أمين الفتوى يجيب    ما هو يوم الحج الأكبر ولماذا سمي بهذا الاسم؟.. الإفتاء تُجيب    تقرير يكشف مسارات الهجرة السرية من المغرب إلى أوروبا    من 15 إلى 20 يونيو إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    محافظ مطروح يشدد على استمرار الجهود لمراقبة الأسواق وضبط الأسعار    «صحة المنيا» تقدم الخدمات العلاجية ل 1473 مواطنا في قافلة طبية مجانية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 11-6-2024في المنيا    تراجع كبير في أسعار السيارات والحديد والهواتف المحمولة في السوق المصري    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    ضبط 67 ألف عبوة سجائر مجهولة المصدر ومهربة جمركياً    أدعية مستحبة فى اليوم الخامس من ذى الحجة    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    استخدام الأقمار الصناعية.. وزير الري يتابع إجراءات تطوير منظومة توزيع المياه في مصر    ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية في بداية تعاملات اليوم الثلاثاء    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    مكون يمنع اسمرار اللحم ويحافظ على لونها ورديا عند التخزين.. تستخدمه محلات الجزارة    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    فلسطين.. إضراب شامل في محافظة رام الله والبيرة حدادا على أرواح الشهداء    الخضري يشيد بدعم الجماهير لمنتخب مصر ويطالب بوضوح الخطة الفنية لكأس العالم    صلاح لحسام حسن: شيلنا من دماغك.. محدش جه جنبك    عيد الأضحى في تونس..عادات وتقاليد    إبراهيم عيسى: طريقة تشكيل الحكومة يظهر منهج غير صائب سياسيا    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهجرة إلى الله (1)
نشر في الوطن يوم 06 - 11 - 2013

الهجرة فى اللغة تطلق على المفارقة والانتقال. تقول: هجر الشىء أو الشخص أو المكان، أى تركه وأعرض عنه. وتقول: هاجر فلان، أى ترك وطنه. وتقول: تهاجر القوم، أى تقاطعوا. أما الهجرة فى اصطلاح المسلمين فتطلق على هجرة النبى صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة فى السنة الثالثة عشرة من البعثة. ويطلق على من هاجر مع النبى صلى الله عليه وسلم أو إليه مهاجرى.
والهجرة حق إنسانى فى شئون الحياة لا يتقيد إلا بحقوق إنسانية أخرى، فلكل إنسان الحق فى الهجرة من أجل لقمة العيش، أو من أجل البحث عن العلم، أو من أجل اختيار الجوار أو الزوجة، أو غير ذلك من الأغراض الحياتية المشروعة مع مراعاة تحصيل إذن الدخول والإقامة فى بلد المهجر؛ لعموم قوله تعالى: «لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون» (النور: 27).
ويختلف حكم الهجرة الحياتية باختلاف وضعها، فإن كانت لغرض سيئ أو لمعصية كانت حراماً أو مكروهةً بحسب درجة السوء، وإن كانت لغرض مشروع كانت واجبة أو مستحبة بحسب درجة المشروعية. وهذا هو المعنى العام من حديث عمر فى الصحيحين أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه»، أى بحسب غرضه من المشروعية وعدمها.
أما الهجرة إلى الله ورسوله فلا يشتكى صاحبها من ضيق العيش أو سوء الجوار أو نحو ذلك من حوائج الدنيا، وإنما يشتكى نفوذ أوصياء الدين ومن ينصب نفسه وكيلاً عن الله فى أرضه ويمنع حق الإنسان من اختيار عقيدته ودينه ومذهبه بالشكل الذى يريح قلبه وتطمئن إليه نفسه حتى لا يكون لديه عذر فى إجابة سؤال يوم القيامة بعد قضاء الله فى الدنيا أنه: «لا إكراه فى الدين» (البقرة: 256).
ابتُعث الرسول صلى الله عليه وسلم فى مكة بعد أن بلغ سن الأربعين برسالة الإسلام التى تدعو إلى التوحيد لله بدون شريك أو وسيط، وأن العلاقة الدينية الصحيحة هى التى تربط العبد بربه مباشرة، كما قال تعالى: «وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب» (البقرة: 186). هكذا جاء الجواب من الله تعالى لعباده دون وسيط، فلم يقل كما جاء فى أسئلة أخرى غير متعلقة بذاته سبحانه بصيغة الوساطة «قل لهم كذا»، مثل قوله تعالى: «ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى» (الإسراء: 85)؛ لأن العلاقة بين أى عبد وبين ربه لا تصح إلا باستقلال، ولهذا كان من أركان الإسلام شهادة التوحيد لله وشهادة أن محمداً رسول الله، وليس وصى الله أو وكيلاً عنه، فإذا كان سيد الخلق وهو المعصوم رسول ومبلغ عن ربه فكيف بمن دونه؟
وكانت مكة المكرمة رمز التوحيد الخالص من ساعة بناء الكعبة المشرفة ليحج إليها الناس ويجددوا إيمانهم التوحيدى منذ إبراهيم عليه السلام، كما يخبرنا القرآن الكريم: «وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك» (البقرة 127-128). فلما كثر الحجيج الذين يأتون من كل فج عميق ظهر تجار الدين للتربح المالى من هؤلاء أصحاب العاطفة الدينية، فصنع أحد المكيين صنماً وأحاطه بالزينة ليسبغ عليه المهابة وزعم أن التبرك به والتبرع لخادميه سيشفع إلى الله تعالى لمغفرة الذنوب. وبكل أسف وقع فى شراك هذا الفخ بعض البسطاء من الناس، فتكررت التجربة فى أصنام أخرى حتى بلغت ثلاثمائة وستين صنماً حول الكعبة قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم، وصار أكثر أهل مكة تجار دين؛ لأنهم أصحاب تلك الأصنام ويتعيشون على التبرعات والنذور التى تأتى من ورائها.
من هنا أدرك أهل مكة خطورة رسالة التوحيد التى ابتُعث بها الرسول صلى الله عليه وسلم على أرزاقهم ومكاسبهم الخسيسة؛ لأن هذه الرسالة ستقضى على وظيفة أوصياء الدين أو زاعمى الوكالة عن الله فى الأرض، فأجمعوا أمرهم على إثنائه عن مهمته، وعرضوا عليه تنصيبه زعيماً فى العرب إن كان يشتهى الزعامة، وجمع أموال له ليكون من الأغنياء إن كان يرغب فى الغنى، وقدموا له مقترحاتهم هذه على يد عمه أبى طالب الذى كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرعى خاطره ويجلّ منزلته ويثمّن صنيعه، حيث آواه صغيراً وينصره كبيراً. فما كان من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن أجابه بقوله المشهور: «والله يا عم لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على أن أترك هذا الأمر ما تركته أو أهلك دونه». لم تكن هذه الإجابة معاندة من الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما كانت بياناً لواقع مسئولية النبوة وتكليف الرسالة التى هى إرادة الله تعالى لإنقاذ الإنسان من وصاية أخيه، فكل البشر فى الدنيا عند الله سواء فى التكريم.
وعندما تيقن تجار الدين فى مكة أن عرشهم سيزول لا محالة بإصرار الرسول صلى الله عليه وسلم على الاستمرار فى رسالته بالتوحيد وكشف أكذوبة الوصاية الدينية قرروا الخلاص منه، أو إخراجه من بلدتهم. وتحقق لهم أهون الشرين مؤقتاً عندما اجتمعوا على قرار واحد مع اختلاف أصنامهم وآلهتهم، فقال سبحانه: «وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين» (الأنفال: 30). اختار النبى صلى الله عليه وسلم الهجرة إلى الله ليبقى علاقته الدينية خالصة التوحيد ولو كانت الكلفة العيش فى الغربة، وترك خيار الشرك الذى يلغى عقل صاحبه ويجعله أسيراً لأوصياء الدين ولو كانت الكلفة ترك الوطن الغالى، وخاطبه بقوله المشهور: «والله إنك -أى يا مكة - لأحب بلاد الله إلى الله وأحبها إلى قلبى، ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت». وللحديث بقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.