سألنى صديقى الدكتور السيسى: هل تعرف كم عدد الحمير فى مصر؟ قلت له: لا أعلم على وجه التحديد، ولكنى أعتقد أن الحمار ربما ينقرض بمرور الزمن مثل صديق الفلاح الطائر أبوقردان الذى لم نعد نراه تقريباً. كان أبوقردان ينظف الأرض للفلاح وكان الحمار ساعده الأيمن فى حمل أثقاله، ومع ذلك كنا نسىء الظن به ونتهمه بالغباء رغم أنه يعرف طريقه مثلما يعرف صاحبه. قال لى صديقى: إن فى مصر أكثر من أربعة ملايين حمار، يتكلف أكل الحمار الواحد منهم خمسة جنيهات يومياً. أى أن مصر تنفق على أكل الحمير ما يزيد على سبعة مليارات جنيها سنوياً. ولأن الحمار يعتمد فى غذائه على البرسيم فإنه يتم زراعة حوالى 2 مليون فدان من أخصب الأراضى الزراعية بالبرسيم لتغذية الحمير وتربية الأرانب وغيرها. هذا يحدث فى ظل ما نعانيه من نقص فى محصول القمح واللجوء إلى استيراده من أجل توفير 80 مليون رغيف خبز يومياً للمواطن المصرى. تذكرت وأنا أتجاذب أطراف الحديث عن الحمير مع صديقى أننى كنت كلما أسافر إلى مدينة مرسى مطروح الساحرة فى فصل الصيف أهبط من سلم الطائرة فى مطار مطروح لأجد فى انتظار القادمين عدداً كبيراً من الحمير يجرّ كل منهم صندوقاً يسع أربعة أشخاص يسمى الطفطف. كانت تلك هى وسيلة المواصلات الوحيدة داخل المدينة والتى لم تكن تعرف تاكسى المدينة الذى كنا نراه بألوانه المختلفة فى عواصم المحافظات. تذكرت أيضاً أنه فى قريتى الصغيرة كان الحمار كائناً هاماً لا يمكن الاستغناء عنه. وكان أيضاً عهدة تُصرف لموظفى الحكومة وصرّاف القرية، وكان يُصرف للحمار بدل شهرى للإعاشة مثل الموظف. كان الحمار هو الركوبة المفضلة لمدرّسى المدرسة وحضرة الناظر، وكان أيضاً الساعد الأيمن لجامعى القمامة فى العاصمة. ومرت السنوات وأصبح التروسيكل والجرار والموتوسكل الصينى والتكتك وكافة وسائل الميكنة الزراعية بديلاً أسرع من الحمار طبقاً لمتطلبات العصر. والآن يبقى السؤال: بعدما أصبح الحمار بلا فائدة كبيرة، لماذا تحتفظ مصر بهذا العدد الهائل من الحمير والتى تفوق تكلفة إعاشتها الفائدة منها. ربما نجد الإجابة عند أحد العاملين فى الشفخانة أو أى من المسئولين عن حديقة الحيوان فى مصر.