سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«رشيد النوبى» بعد 40 سنة سواق تاكسى: «لا أحب اشتغل بواب.. ولا أحب اشتغل عند حد» «كل عيد النوبيين بيجمعوا فلوس من بعض وبنأجر أتوبيسات.. ولا لينا دعوة بقطر ولا أتوبيسات الحكومة.. وساعات لما اتخنق اروح أقعد فى البيت»
وجه أسمر بلون طين الأرض التى ولد عليها، يتخلله بياض يظهر وقتما يبتسم فتظهر أسنانة البيضاء اللامعة، فيما يقبض هو بيديه على «طارة» القيادة متمسكا بها وبقوة، فيما ترنو عيناه العسليتان اللتان يتخللهما البياض الجارف، إلى المارة الواقفين على جانبى الطريق، منتظرا منهم إشارة، فيقف لهم مُرحبا، وما إن يلحظ الراكب لهجته النوبية، حتى يجيبه الرجل الستينى: «أنا من النوبة.. واسمى رشيد الكيلانى». قبل سنوات من الآن كان «رشيد» يعمل سائقاً لدى عدة سفارات آخرها «أنجولا»، يتذكر السيارة الدبلوماسية التى كان يقودها، لا يوقفها كمين، ولا يسحب أمين شرطة رخصتها: «إحنا كنا متحصنين.. وأول ما حد بيشوف العربية بيرمى عليك السلام على طول»، قبل أن يُضيق أحد لواءات الشرطة الخناق عليه: «إنت مصرى؟»، هكذا طرح عليه اللواء السؤال، ليرد عليه: «لأ من جنوب أفريقيا»، صدق رجل الشرطة جوابه.. قبل أن يصف الحال الآن بكلمة واحدة «تهريج»، فيما يتذكر وقت أن ترك عمله فى السفارات بسبب أشياء تبدو بديهية له «حكم النفس وحش.. ومافيش أحسن من المِلك.. وعشان كده اشتريت تاكسى». الكل يسير من أجل اقتناص فُتات تورتة السلطة، فيما ينكفئ «رشيد» على التاكسى الذى يملكه، هكذا يصف المشهد، ساردا معاناته ك«نوبى» من أرضه خلف السد، إلى مركز نصر النوبة، حيث المنطقة الصخرية التى لا زرع فيها ولا ماء: «إحنا ضحينا عشان مصر»، يستنكر الرجل عمل بعض النوبيين فى حراسة العقارات، قبل أن يوضح: «التاكسى ده ملكى.. مش شغال عليه.. مبحبش أشتغل عند حد»، يؤكد الأب لأربعة أولاد، أن المساكين فى هذا الشعب هم الفقراء والكادحون: «الحكام بيتغيروا وإحنا اللى بنتظلم فى الآخر». الأسعار التى ارتفعت، وطابور بنزين ال80، الذى يقف عليه الرجل بالساعات من أجل ملء خزان وقوده، كلها أشياء تصيبه بالملل: «ساعات لما باتخنق باروح أقعد فى البيت»، قبل أن يُعدد ميزة واحدة فى النوبة: «كل عيد النوبيين بيجمعوا فلوس من بعض وبنأجر أتوبيسات.. ولا لينا دعوة بقطر ولا أتوبيسات الحكومة».. لأكثر من 40 عاماً يعمل «رشيد» فى قيادة السيارات، عرف من خلالها كيف لوجوه المصريين المتبدلة التمكن من التغلب على المراحل الصعبة التى يمر بها البلد: «وش بيضحك والتانى زعلان.. والاتنين عايشين ومكملين».