يواجه حامل جائزة نوبل الوحيد في بنغلادش محمد يونس، حملة كراهية جديدة مدعومة من الدولة، تهدف إلى تصويره بأنه مناهض للإسلام يسعى إلى نشر المثلية الجنسية، بعد اتهامات له "بامتصاص دم" الفقراء. بعد سنوات من محاولة نزع مصداقية يونس وارثه كرائد في التمويل الأصغر، والتي اعتمدت حول العالم كأداة للتنمية، تحولت المضايقات إلى حملة شخصية وأكثر خطورة. وبدأت الانتقادات الموجهة إلى الرجل البالغ 73 عاما بعد توقيعه بيانا مشتركا مع ثلاثة آخرين من حاملي جوائز نوبل في أبريل 2012، احتجاجا على اضطهاد المثليين في أوغندا. وفيما لم يلق البيان اهتماما انذاك، أعادته إلى الواجهة الجمعية الإسلامية (مؤسسة دينية حكومية) وضخمته من خلال أحاديث عشرات آلاف الأئمة التابعين لها. ونظمت احتجاجات وزعت فيها منشورات اعتبرته "متآمرا مع اليهود والمسيحيين" فيما دُعي إلى "مسيرة ضخمة" في 31 أكتوبر في العاصمة دكا للتنديد به. وصرحت المحامية والناشطة المعروفة سارة حسين بأنه "كيف يمكن لمنظمة تابعة للدولة أن تشن حملة ترهيب إجرامية؟ إنها تحرض على العنف ضد البروفيسور يونس". وهذه المضايقات عكست أصداء حملة أخرى استهدفت الكاتبة النسوية تسليمة نسرين، التي انتقدت الدين، وقد أجبرت على مغادرة البلاد بعد التنديد بها على غرار ما يجري مع يونس. وصرحت نسرين بأنه "من المؤسف أن يتعرض لحملة مشابهة لما تعرضت له عام 1994"، وأضافت "أجبرت على مغادرة البلاد بسبب حملة الأصوليين والتي دعمتها الحكومة بشكل نشط". ويونس على خلاف مع رئيسة الوزراء شيخة حسينة منذ 2007 عندما انتقد لفترة وجيزة الحياة السياسية العنيفة والمنقسمة في بنغلادش والتي تسيطر عليها عائلة حسينة وخصمتها الكبرى خالدة ضياء. كما يعتقد أن بيان يونس الأخير الداعي إلى انتخابات حرة ومنصفة في يناير 2014 أغضبت رئيسة الوزراء في أعقاب تعديل الآلية الانتخابية وقمع المعارضة. وعام 2011 أجبر على مغادرة مجلس إدارة مصرفه "غرامين بنك"، في خطوة اتخذها البنك المركزي ويعتقد أنها جرت بإيعاز من حسينة التي اتهمته "بامتصاص دم الفقراء". وأنشأ يونس مصرف غرامين عام 1983 من أجل تقديم قروض صغرى بلا تكاليف ثانوية لأصحاب المشاريع الصغيرة لا سيما من سكان الأرياف والنساء. وأدى سجل المصرف القياسي في تقليص الفقر إلى اشتهاره عالميا وعاد على مؤسسه بجائزة نوبل للسلام عام 2006. ونفى المتحدث باسم الشيخة حسينة أبو الكلام أزاد الاتهامات بأن الحملة الأخيرة ضد يونس من تنظيمها. وصرح أنها "ليست المديرة العامة للمؤسسة الإسلامية". وتتبع المؤسسة الإسلامية وزارة الشؤون الإسلامية ولديها تفويض بتعزيز الإسلام. وصرح مديرها العام شميم محمد أفضل أنه من "مسؤوليته الأخلاقية" كمسلم وكرئيس المؤسسة أن يتخذ موقفا ضد الرجل الملقب "مصرفي الفقراء". وتابع أن "بيانه يخالف القرآن والحديث" النبوي. في خطاباته أمام رجال الدين في نحاء البلاد كافة أكد لهم أفضل أنه من واجبهم الديني الاحتجاج على موقف يونس من المثلية الجنسية. وأفاد أحد الأئمة أنه تعرض للضغط كي ينضم رغما عنه إلى التظاهرات. وأكد الإمام الذي يعمل في منطقة جنوبية، ورفض الكشف عن اسمه أنه طلب من رجال الدين رفع لافتات وتوزيع منشورات طبعها مكتب المؤسسة الإسلامية المحلي. وصرح أحد منظمي حملة مناهضة يونس مولانا منير الزمان رباني أن "يونس أصبح كافرا لدعمه المثلية الجنسية. عليه أن يعتذر علنا وإلا سنجبره على مغادرة البلاد على غرار تسليمة نسرين". ورباني هو أمين سر لجنة تساهم في إدارة المسجد الوطني، الذي يتلقى تمويلا من الدولة في دكا ونائب رئيس حزب سياسي إسلامي متحالف مع الحكومة. ورفض يونس أستاذ الاقتصاد السابق تلبية عدة طلبات لإجراء مقابلة معه. ولقي يونس الدعم في بلاد منقسمة إلى حد كبير لدى أحزاب المعارضة التي ساندته عندما دعت لجنة حكومية الدولة إلى السيطرة بالكامل على مصرف غرامين وتفكيكه إلى 19 هيئة. في أثناء زيارة إلى البلاد في مايو في العام الفائت أعربت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك هيلاري كلينتون عن دعمها ليونس وهو صديق شخصي لها ولزوجها الرئيس السابق بيل كلينتون. وصرحت نسرين "لا أعتقد أنهم يستطيعون إجبار يونس على مغادرة البلاد". وتابعت "على عكسي، لديه الكثير من الأصدقاء النافذين. لكن هذه الحملة سترسم صورة سلبية عن البلاد. ينبغي ألا ترضي أي حكومة هؤلاء الأصوليين". و90% من سكان بنغلادش مسلمون. وتعتبر المثلية الجنسية جريمة تعاقب بالسجن مدى الحياة لكن المحاكمات بهذه التهمة نادرة. وفي وقت سابق هذا العام، دعا رئيس مجلس إدارة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التابع للدولة إلى قانون جديد يحظر التمييز استنادا إلى الميول الجنسية للفرد وبين الرجال والنساء.