الاستعجال لا بد أن يؤدى إلى الكعبلة، وقد قيل: العجلة من الشيطان. ويتعجل الفرد أو الجماعة أمراً معيناً عندما يسيطر على أى منهما شعور بعدم استحقاق نتيجته، وأنهما يخطفان الثمرة خطفاً دون جدارة! ولعلك لاحظت أن ثلاثة أطراف أساسية تحاول -بعد «30 يونيو»- استعادة أدوارها التقليدية التى سبق أن تمتعت بها قبل ثورة 25 يناير 2011. أستطيع أن أحدد لك هذه الأطراف فى المؤسسة العسكرية والشرطة وفلول نظام «مبارك»؛ فالمؤسسة العسكرية ترى فى نفسها الجدارة بالحكم، إن لم يكن بصورة مباشرة فبصورة غير مباشرة، من خلال فرض نوع من الوصاية على من يقود البلاد. والشرطة تريد أن تعود إلى سابق عهدها واسترداد قدرتها على التخويف والإرعاب، تحت زعم إعادة الهيبة من جديد إلى الجهاز الشرطى، وكأن مصدر الهيبة هو الإذلال والسحق وامتهان الكرامة، وليس الالتزام بدور الجهاز فى تأمين المواطن وخدمته وحماية حياته وممتلكاته. أما فلول نظام المخلوع فهى تحاول تصدر المشهد من جديد وتصر على أن تتشكل طغمة الحكم الجديدة من بين أفرادها، كما كان معتاداً قبل 25 يناير 2011. سارعت هذه الأطراف الثلاثة بعد «30 يونيو» إلى محاولة استعادة أدوارها المفقودة، ظناً منها أن اللعب أصبح «على الخلا»، بعد أن أثبتت جماعة الإخوان فشلها فى استحقاق الحكم فثار الشعب ضدها، ولجأت إلى «العافية» و«العنف» فى محاولة فرض وجودها على الشارع بعد الإطاحة بها، فتعمقت كراهية الناس لها أكثر وأكثر، لكن العامل الأهم الذى شجع هذه الأطراف على السعى نحو العودة حالة التراجع التى أصابت بعض ثوار يناير، بعد الهجمة الشرسة التى قادتها الأطراف الثلاثة المذكورة من أجل «شيطنة» ثورتهم وتحويلها إلى مجرد ذكرى على مؤامرة قادها الغرب وشارك فيها ما يقرب من 18 مليون عميل مصرى انخرطوا فى أحداثها! ولو أنك استرجعت المشهد خلال المرحلة الانتقالية التى أعقبت نجاح ثورة 25 يناير فى الإطاحة ب«مبارك» فسوف تتذكر تلك الجهود التى بذلتها أطراف عدة لشيطنة الثورة والثوار، وهى الجهود التى أسهم فيها كل من المجلس العسكرى وجماعة الإخوان وبعض فلول نظام «مبارك». وتعجلت هذه الأطراف -خصوصاً الإخوان- قطف الثمرة التى لا تستحقها.. فماذا حدث؟ «اتكعبلت» الجماعة وسقطت وذهبت إلى غير رجعة، وسوف يكون ذلك مصير من يحاولون تكرار اللعبة «الخايبة» نفسها بعد «30 يونيو». توقع المزيد بعد التسجيل الخاص بتحصين وزير الدفاع فى حالة عدم نجاحه فى انتخابات الرئاسة، وتأمين عودته إلى منصبه من جديد. وعمّا قريب سوف نجلس ونشاهد معاً حالات أكثر إثارة ل«الكعبلة» والانكفاء للأطراف الثلاثة الموعودة تحت عجلة ثورة يناير، والسر فى ذلك تعجلها الجلوس على عرش لم تدفع ثمن الوصول إليه. تلك الثورة التى ستظل مشتعلة وقائمة طالما لم تتحقق مطالبها فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الوطنية.. مصر لم تنم!