سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أهالي الضحايا: «إحنا مرميين فى الشارع ومش عارفين نستلم جثث شهدائنا» «جنوب سيناء» لا يوجد بها طبيب شرعى والنيابة تستدعى أحدهم من الإسماعيلية.. و«عبدالسلام»: انتظرنا 24 ساعة لتسلم جثمان ابن شقيقى
فى غرفة خلفية بمستشفى الطور العام، تعلوها لافتة تعلن عن هوية المكان «ثلاجة الموتى»، ترقد 3 جثامين لضحايا حادث الانفجار الذى شهدته مديرية أمن جنوبسيناء صباح الاثنين الماضى، وتقبع بجوارها «أشلاء» لا يتجاوز وزنها 4 كيلوجرامات، وفقاً لتقديرات الدكتور محمد لاشين، وكيل وزارة الصحة بالمحافظة، الذى أكد أنها بقايا جثمان رابع «مجهول»، يرجح أنه لمنفّذ العملية الإرهابية، مدللاً على ذلك بأن الجثامين الثلاثة للضحايا يوجد بها بعض الكدمات والكسور، لكن جميعها جثامين كاملة. احتشد العشرات من أهالى الضحايا الثلاثة أمام باب المستشفى العام فى انتظار تسلم جثث أبنائهم، حيث وصلوا إلى المدينة الحدودية مساء يوم الاثنين الذى وقع فيه الحادث، تحرك أهل محمد موسى عثمان أحد الضحايا الذى سقط قتيلاً فى موقع الحدث من محافظة القليوبية، ومن البحيرة تحرك أقارب عصام عبدالرحيم على أن ابنهم مصاب، ولكن بمجرد وصوله إلى المستشفى فى حالة حرجة وافته المنية وفقاً لتقارير المستشفى التى حصلت «الوطن» على نسخة منها، بينما فتحى صابر عبدالخالق، أمين شرطة، وصل عمه وأبناء عمومته من قرية الرملية بمحافظة طنطا عصر يوم الحادث، لكنهم لم يتمكنوا من تسلم الجثمان بحجة الانتهاء من الإجراءات واستخراج تصريح الدفن، واضطروا إلى المبيت أمام المستشفى انتظاراً لخروج الجثمان صباح اليوم التالى. ومع سطوع شمس الثلاثاء وقف الأهالى فى انتظار وصول مدير المستشفى، الذى وصل إلى مكتبه فى تمام التاسعة والنصف، ليفاجأ الجميع بأن المستشفى ليس لديه أى مشكلة وانتهى من جميع الإجراءات المطلوبة، لكن المشكلة كما ذكرها، أنه لا يوجد طبيب شرعى فى محافظة جنوبسيناء كلها، و«ننتظر وصول أحد الأطباء من محافظة الإسماعيلية»، تمر الساعات، لا شىء جديد يتغير، الأهالى ينتظرون، أصوات رنين الهواتف القادمة من بلدتهم لا تتوقف، يحاولون الاطمئنان على انتهاء الإجراءات وتسلم جثة ابن قريتهم تارة وأخرى يقدمون المواساة لأبناء عمومته. يمر الوقت، عقارب الساعة تلامس الحادية عشرة، لم يصل بعدُ الطبيب المنتظر، حالة من الغضب تمتزج بالحزن، ينهض بعض الشباب للتحدث مع المسئولين فى المستشفى، الحوار لم يقدم جديداً سوى تأكيدات بأنهم لا يتوقفون عن الاتصال وأن الطبيب خرج بالفعل من الإسماعيلية، «الكلام ده بنسمعه من امبارح ولحد دلوقتى مافيش أى حاجة حصلت على أرض الواقع»، هكذا جاء رد ابن خال أحد الضحايا ويُدعى أحمد سليمان، مضيفاً: «حسبنا والله ونعم الوكيل». يزداد الغضب بين أهالى الضحايا، يحاولون التصعيد بغلق باب المستشفى أمام الموظفين والسماح فقط للحالات المرضية بالدخول، تحدث بعض المناوشات بينهم وبين العاملين، يتدخل بعض العقلاء من الطرفين للفصل بينهم، لكنهم يفشلون فى إنهاء الأزمة. ومع رفض الأهالى فتح باب المستشفى أمام العاملين، دون السماح لهم بتسلم جثت أبنائهم، تصل سيارة تشكيلات أمن مركزى تتقدمها سيارة شرطة، وينتشر الجنود أمام مدخل المستشفى، يحاول أحد الضباط برتبة عقيد التفاوض مع الأهالى، وإقناعهم بأن ابنهم شهيد وأن كل شىء سوف ينتهى بالصبر، والإجراءات سوف تنتهى خلال ساعات، يرد عليه عبدالسلام صابر عم الشهيد: «هو علشان أمين شرطة يحصل فيه كده، ده لو كان ظابط بدبورة كان وزير الداخلية سأل عليه وزاره فى المستشفى كمان، بدل ما إحنا مرميين فى الشارع ومش عارفين نستلم جثة فتحى، وأهالى البلد كلهم منتظرين هناك»، يصمت الرجل الخمسينى محاولاً التغلب على دموعه، يحاول الضابط تهدئته، يرفع رأسه إلى الضابط قائلاً: «يا باشا، أمه ماتعرفشى لحد دلوقتى، والخبر تسرب بين الأهالى من وسائل الإعلام وممكن تعرف فى أى لحظة، هى مريضة مش عارفين ممكن يحصل ليها إيه»، يختم الضابط كلامه معه بأنه سوف يذهب إلى النيابة شخصياً، للتعرف على الموقف، يؤكد الدكتور محمد لاشين، وكيل وزارة الصحة بجنوبسيناء، أن الجثث تنتظر فى المشرحة لحين وصول الطبيب الشرعى، موضحاً أن النيابة هى المسئولة عن إرسال الطبيب وليس وزارة الصحة، لينتهى الغضب المتصاعد بوصول الطبيب فى الثانية ظهراً، يبدأ فى ممارسة عمله، بينما تستمر الوجوه العابسة على حالها، حزناً على أبنائهم، وبمجرد انتهاء الطبيب يتسلم الأهالى الجثمان ويقومون بالصلاة على المتوفى، ليتحرك معهم الجثمان فى سيارة الإسعاف لتوصيل الجثمان إلى مثواه الأخير فى قريته.