سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدقهلية تودع شهيدى تفجير «مخابرات رفح» بعد 12 يوماً من الحادث والد الشهيد أحمد: اختلط لحمه بلحم الجناة بعد أن حاول إغلاق بوابة المبنى قبل وصولهم إليه ووالدة الشهيد «عاطف»: علمت بخبر وفاته عن طريق أصدقائه.. وآخر كلماته «أنا حزين عليكى يا بلدى»
شيّع الآلاف من قريتى كفر الشيخ عطية ونقولا، التابعتين لمركز شربين بمحافظة الدقهلية جنازة شهيدى تفجير مبنى المخابرات فى منطقة رفح بسيناء أمس الأول، أحمد محمد خليل «21 سنة»، وعاطف خطاب عوض المتبولى «22 سنة». بمجرد وصول جثمان الشهيد الأول أحمد محمد خليل هيكل، أطلق النساء الزغاريد، وألقين بالحلوى على الجثمان، واختلط ذلك ببكاء هستيرى من جميع الأهالى. خرج الجثمان من سيارة الإسعاف بصعوبة بالغة، نظراً لتزاحم المواطنين، فالجميع كانوا يريدون أن ينالوا شرف حمله، الذى خرج ملفوفاً فى علم مصر، وتم حمله إلى داخل المسجد، حيث أدوا صلاة الجنازة عليه، وبعدها انطلقوا به إلى مثواه الأخير. تحوّلت الجنازة إلى مسيرة تهتف ضد الإرهاب الأسود الذى تشهده مصر، وردّد الأهالى هتافات منها: «لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله»، «يا شهيد نام واتهنى واستنانا على باب الجنة»، و«بالروح بالدم نفديك يا شهيد»، و«الإخوان هما الإرهاب»، و«الإخوان الكذابين تجار الدم تجار الدين». فى بكاء شديد، قال والد الشهيد: «الآن فقط اطمأن قلبى بعد أن أخبرنى قائد ابنى كيف مات، وأنه عندما سمع صوت انفجار جرى على البوابة الرئيسية وأغلقها وعند عودته أصيب، وقد كان أقرب الشهداء لمنفذى الانفجار حتى اختلط لحمه بلحمهم، ولولاه لكان المبنى بالكامل تم تحطيمه، أنا لست حزيناً عليه، فهو الآن فى الجنان، لكن الفراق صعب. ويتذكر والد الشهيد أن «أحمد» تم تجنيده منذ سنة ونصف فى القوات المسلحة، وفى كل حادث فى سيناء أتصل به لأطمئن عليه، فقد كان دائماً يقول «أنا شايل كفنى على إيدى، والذى كان يجعلنى مطمئناً بعض الشىء أنه كان يخدم فى المخابرات، وقبل الحادث بساعات اتصلت به بعد مباراة مصر وغينيا، وظل يحكى لى عن المباراة وما فعله أبوتريكة، وطلب منى أن أحوّل له رصيداً وانتهت المكالمة». وأضاف: «فى صباح يوم الحادث اتصلت عليه فوجدت أن التليفون خارج الخدمة، وحاولت أكثر من مرة فلم أتمكن من أن أتحدث إليه، وبعدها فوجئت بزميل له يتصل بى، ويقول لى أحمد مصاب فى حادث التفجير، ثم جذب زميل آخر التليفون وقال لى (البقاء لله ابنك شهيد يا عم محمد)». وقال: «منهم لله الظلمة، ربنا ينتقم منهم حرمونى أنا وأبنائى وأمه منه، وهو كان يؤدى واجبه تجاه وطنه». وقالت أم الشهيد «أحمد»: إن نجلها حاصل على دبلوم فنى عام 2009 وعمره 21 سنة و3 شهور و8 أيام تحديداً، وهو فى الترتيب الثانى بعد شقيقه «إبراهيم» ليسانس حقوق، وتليه «آية» الابنة الصغرى، وكان محبوباً من كل أهالى قريته، ووالده يعمل إدارياً فى مدرسة الشيخ عطية الابتدائية، وكان يعمل من آن لآخر فى الزلط والرمل حتى لا يهين أحداً منهم، ويلبى كل احتياجاتهم ويكمل مشوار تعليمهم. وأضافت وهى تبكى قائلة: ابنى كان فى إجازة منذ 13 يوماً ولمدة 8 أيام اختزل منهم يومين بسبب الاحتياطات التأمينية التى اتخذتها قيادات الجيش فى الاستدعاء لمعسكر بالإسماعيلية وركوبهم مدرعة فى النزول للإجازة والعودة، وهذا الأمر يرد على كل من يشككون فى أن الجيش هو من يقتل أبناءه. وتضيف أنه منذ أول يوم فى الإجازة وكأنه يودّع الجميع بالقيام بزيارة الجميع من الأهل والمعارف بدراجته، ودخل إلى قلبى خوف صبيحة سفره، فقمت بالنوم على الكنبة أمام سريره، وأنا على اتصال به يومياً عبر المحمول إلى أن انقطع الاتصال يوم الثلاثاء، وظننت أنه بسبب ضعف الشبكة، كما كان يطمئننى بأنه فى مكان آمن ولا خوف عليه، فهو راجل. أما فى قرية نقولا فكان المشهد مأساوياً، فجميع أبناء القرية يعرفون الشهيد عاطف خطاب عوض المتبولى، برجولته وشهامته. وقالت شفيقة أبومسلم «والدة الشهيد»، 54 سنة: فقدت زوجى منذ 14 عاماً، واليوم أفقد ابنى الكبير عاطف، الذى كان يساعدنى فى المصاريف بالعمل «كهربائى منازل» وتحملت طوال تلك السنوات العمل فى الأراضى الزراعية ليكمل تعليمه، وكنت أنتظر خروجه ليكمل مشوار والده، إلا أن القدر ومشيئة الله اختارت خيرة شباب القرية ليُستشهد على أيدى مجرمين لا يعرفون الدين وليسوا مسلمين. وأضافت: جاء بعد العيد وسافر بعد 6 أيام فقط، لأنهم يجهّزون مدرعة لنقلهم إلى معسكراتهم بسيناء، وجاء الخبر بعد اتصال من زملائه، والذين أخطرونا أن آخر كلماته لهم «أنا حزين عليكى يا بلدى، وأنا لا أريد من الدنيا شىء». وطالبت بتخليد أسماء الشهداء بإطلاقها على المدارس، وهذا أقل ما يمكن أن تفعله الدولة لهم، بالإضافة إلى كفالة إخوة الشهداء الذين لا يزالون فى مراحل التعليم المختلفة ولا دخل لهم.