النصر يُلغي معسكره في النمسا بسبب ظروف طارئة ويبحث عن بديل    نادية مصطفى لفيتو: احنا مش متطرفين ومصطفى كامل بيخاف على البلد (فيديو)    «زي النهارده» فى ‌‌30‌‌ يوليو ‌‌2011.. وفاة أول وزيرة مصرية    رغم إعلان حل الأزمة، استمرار انقطاع الكهرباء عن بعض مدن الجيزة لليوم الخامس على التوالي    ترامب يحذر من تسونامي في هاواي وألاسكا ويدعو الأمريكيين إلى الحيطة    وزير الخارجية يلتقي السيناتور ليندسى جراهام بمجلس الشيوخ الأمريكي    الاتحاد الإفريقي يصدم "الدعم السريع" بعد تشكيل حكومة موازية بالسودان ويوجه رسالة للمجتمع الدولي    فتح باب التقدم لاختبارات الدبلومات والمعاهد الفنية لدخول كلية الحقوق والرابط الرسمي    ثروت سويلم: لن يتكرر إلغاء الهبوط في الدوري المصري.. وخصم 6 نقاط فوري للمنسحبين    انهيار جزئي لعقار مكون من 7 طوابق في الدقي    من "ترند" الألبومات إلى "ترند" التكت، أسعار تذاكر حفل عمرو دياب بالعلمين مقارنة بتامر حسني    طريقة عمل الأرز باللبن، تحلية سريعة التحضير ولذيذة    البنك العربى الإفريقى يقود إصدار سندات توريق ب 4.7 مليار جنيه ل«تساهيل»    جدول مباريات بيراميدز في الدوري المصري الممتاز الموسم الجديد 2025-2026    "البترول" تتلقى إخطارًا باندلاع حريق في غرفة ماكينات مركب الحاويات PUMBA    عبداللطيف حجازي يكتب: الرهان المزدوج.. اتجاهات أردوغان لهندسة المشهد التركي عبر الأكراد والمعارضة    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    السيد أمين شلبي يقدم «كبسولة فكرية» في الأدب والسياسة    ليلى علوي تسترجع ذكريات «حب البنات» بصور من الكواليس: «كل الحب»    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين الحكومي والخاص    ترفع الرغبة الجنسية وتعزز المناعة.. 8 أطعمة ترفع هرمون الذكورة بشكل طبيعي    لا تتبع الوزارة.. البترول: السيطرة على حريق سفينة حاويات قرب منصة جنوب شرق الحمد    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    4 أرغفة ب دينار.. تسعيرة الخبز الجديدة تغضب أصحاب المخابز في ليبيا    تنسيق الثانوية 2025.. ماذا تعرف عن دراسة "الأوتوترونكس" بجامعة حلوان التكنولوجية؟    تنسيق الجامعات 2025| كل ما تريد معرفته عن بكالوريوس إدارة وتشغيل الفنادق "ماريوت"    إبراهيم ربيع: «مرتزقة الإخوان» يفبركون الفيديوهات لنشر الفوضى    الجنايني يكشف سبب تعثر بيع زيزو لنيوم السعودي    وفاة طالب أثناء أداء امتحانات الدور الثاني بكلية التجارة بجامعة الفيوم    القانون يحدد شروط لوضع الإعلانات.. تعرف عليها    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    تنسيق الجامعات 2025 .. تفاصيل برامج كلية التجارة جامعة عين شمس (مصروفات)    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    إخماد حريق في محول كهرباء في «أبو النمرس» بالجيزة    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    رئيس مدينة الحسنة يعقد اجتماعا تنسيقيا تمهيدا للاستعداد لانتخابات الشيوخ 2025    أحمد فؤاد سليم: عشت مواجهة الخطر في الاستنزاف وأكتوبر.. وفخور بتجربتي ب "المستقبل المشرق"    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    ناشط فلسطيني: دور مصر مشرف وإسرائيل تتحمل انتشار المجاعة في غزة.. فيديو    أسامة نبيه يضم 33 لاعبا فى معسكر منتخب الشباب تحت 20 سنة    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    «الجو هيقلب» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : أمطار وانخفاض «مفاجئ»    جدول امتحانات الثانوية العامة دور ثاني 2025 (اعرف التفاصيل)    ترامب: الهند ستواجه تعريفة جمركية تتراوح بين 20% و25% على الأرجح    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو بعد الانخفاض بالصاغة    محمد السادس: المغرب مستعد لحوار صريح ومسؤول مع الجزائر    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    الجنايني عن شروط عبدالله السعيد للتجديد مع الزمالك: "سيب اللي يفتي يفتي"    معلقة داخل الشقة.. جثة لمسن مشنوق تثير الذعر بين الجيران ببورسعيد    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدموند غريب: الولايات المتحدة تحركها «أجندة النفط»
المحلل السياسى العالمى ل«الوطن»: «الليبراليون الجدد» ابتكروا مفهوماً للتدخل الأمريكى تحت شعار «الحرب باسم الإنسانية»
نشر في الوطن يوم 18 - 09 - 2013

عُرف اسم الدكتور إدموند غريب، أستاذ العلوم السياسية، كأحد أشهر المحللين السياسيين، ليس فقط داخل الولايات المتحدة، لكن على مستوى العالم.. ودفعت ثقافته الموسوعية اسمه ليكون متخصصا فى ملف الشرق الأوسط، راصدا المتغيرات التى يشهدها والمستقبل الذى ينتظره.
وفى خضم المحطات التاريخية والاستثنائية التى خلقتها ثورة المصريين فى 30 يونيو وما فرضته من غيوم فى العلاقات المصرية - الأمريكية والارتباك فى توجهات أمريكا نحو الشرق الأوسط بصفة عامة، وهو ما انعكس على الموقف الأمريكى من سوريا، التقت «الوطن» إدموند غريب وأجرت معه حوارا فى واشنطن ليقدم رؤيته وتحليله للأوضاع فى مصر والشرق الأوسط للقارئ المصرى والعربى.
■ ما تفسيرك لتخبط السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط تحديدا، منذ ثورة المصريين فى 30 يونيو، وكذلك الموقف من التطورات السورية؟
- بالطبع هناك تفسيرات مختلفة لما يجرى على الساحة الأمريكية؛ فكما ذكرت فإن البعض يعتقد أنه كان هناك تخبط، ودون شك كلنا لاحظنا بعض الارتباك إن كان ذلك بالنسبة لما حدث فى مصر أو ما يجرى الآن فى سوريا، وفى تقديرى أن إحدى المشكلات الأساسية هى وجود صناع قرار لديهم رؤية أيديولوجية عقائدية حول الأهداف التى يرغبون فى تحقيقها بالمنطقة.
■ كيف؟
- فى الولايات المتحدة كما تعلم هناك، بصورة ملخصة، مدرستان تتحكمان فى السياسة الخارجية، الأولى هى المدرسة «المثالية» والأخرى هى «الواقعية». المدرسة الواقعية هى تلك التى تمثل رؤية سياسيين أمريكيين للمصالح القومية الأمريكية والأهداف التى يجب أن تتبناها الإدارات المختلفة، وهؤلاء يفسرون المصلحة الأمريكية بطريقة مبسطة تتعلق بحماية الحدود والمصالح الاقتصادية والسيطرة والتمكن والوصول إلى الموارد الطبيعية. والرؤية الأخرى، وقد مثلها الرئيس ويلسون على سبيل المثال، والبعض يقول إن جورج بوش الابن قد مثلها أيضا، والمحافظون الجدد، فهؤلاء يريدون رسم العالم على الصورة الأمريكية. هؤلاء لديهم رؤية للعالم وأمريكا ودور أمريكا والقيم الأمريكية والمبادئ الأمريكية.
■ ما الفرق بين الديمقراطيين والجمهوريين فى النظرة للمصالح الأمريكية؟
- هناك بالتأكيد فروق يمكنك أن تلحظها فى اللغة التى يتم التحدث بها عن المصالح؛ فمنذ فترة مثلا، كان حديث الجمهوريين عن نشر الديمقراطية ويتحدثون عن المصالح فى الأمن بالدفاع عن الحدود والوصول إلى النفط بأسعار معقولة وحماية الأرصدة الاستراتيجية الأمريكية وكذلك حماية حلفاء الولايات المتحدة وهنا يأتى أمن إسرائيل على رأس أولويات أى إدارة أمريكية، إن هؤلاء بدأوا يدشنون لأهمية العمل الأحادى من جانب الولايات المتحدة فى حماية مصالحها إذا اضطرت لذلك، بينما الديمقراطيون وإن كانت لهم رؤى مشابهة لطبيعة المصالح فإن هؤلاء كانوا يفضلون حماية المصالح من خلال العمل مع أطراف أخرى، والمقصود بهذه الأطراف حلفاء الولايات المتحدة، وكلما نجحت فى ذلك كان ذلك أفضل، وربما يعود هذا الموضوع إلى شىء آخر هو أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتى كان هناك نقاش حاد داخل الأروقة الأمريكية ملخصه أننا قد انتصرنا الآن، فما الذى يجب أن نفعله؟
■ وما خلاصة تلك النقاشات؟
- كان هناك اتجاهان، الأول يقول إن الولايات المتحدة تحملت ودفعت ثمنا باهظا لتحقيق هذا الانتصار على السوفيت؛ لذلك يجب الآن تقليص التدخل الخارجى وتقليص الإنفاق الخارجى وأن يكون التركيز كله منصبا على أمريكا من الداخل ورفاهيتها ونموها الاقتصادى مع الحفاظ على مقتضيات أمنها، فى حين دفعت قوى أخرى باتجاه أن الولايات المتحدة قد تحملت عبئا كبيرا لكى تحقق هذا الانتصار وبالتالى يجب أن تحتفظ لنفسها بالقيادة وأنها فرصة تاريخية لهذه القيادة فى العالم.
■ هل هذا هو الفكر المسيطر حاليا على الإدارات الأمريكية المتعاقبة؟
- فى نهاية عهد الرئيس بوش الابن، قُدمت دراسة أعدها المحافظون الجدد حول الدور الأمريكى فى القرن الجديد، وشاركت فيها صقور من إدارة «بوش»، من بينهم ديك تشينى، ملخصها أن الولايات المتحدة يجب أن تظل محتفظة بتفوقها العسكرى والاقتصادى فى العالم لتحتفظ بقيادتها للعالم وأن هذا الدور ليس فقط مهماً للمصالح الأمريكية ولكن أيضاً له بعد أخلاقى فى حماية العالم وهذا كان أمرا جديدا نسمعه من هؤلاء.
■ وكيف تقيم هذه الدراسة؟
- هذه الدراسة كانت تقوم على أن الولايات المتحدة دولة متميزة، ولاحظ أن هذه النقطة استوقفت الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى المقال الذى كتبه مؤخرا فى «نيويورك تايمز» وعلق على خطاب «أوباما» بأن الولايات المتحدة دولة استثنائية، ومن ثم فإن عليها أن تلعب هذا الدور بسبب هذه الاستثنائية، و«بوتين» رفض ذلك، صحيح أن العالم مقسم بين أغنياء وفقراء ودول عرفت الديمقراطية وأخرى ما زالت تعانى الديكتاتورية.
■ وما تقديرك لرد الفعل على كلام «بوتين» داخل الرأى العام الأمريكى؟
- بالطبع أثار العديد من ردود الفعل القوية؛ لأن الكثيرين من الأمريكيين يؤمنون بهذا الدور الفريد للولايات المتحدة، ومن هنا فإن المحافظين الجدد قد غرسوا هذا المعنى بأن الولايات المتحدة دولة استثنائية وعليها مهمة استثنائية أخلاقية تجاه العالم.
■ لكن «أوباما» رئيس من الحزب الديمقراطى وليس من المحافظين الجدد!
- صحيح، لكن هناك شيئا آخر هو أن المحافظين الجدد وُجهت لهم ضربة قوية بسبب الحرب على العراق وكانوا يتحدثون عن أسلحة دمار شامل وجلب الديمقراطية والحرية للعراق وإسقاط نظام ديكتاتورى يهدد مصالح الولايات المتحدة وأمن إسرائيل، لكن التجربة الأمريكية فى العراق أثبتت أن هناك قصورا فى الرؤية إلى حد كبير، وأظهرت الكثير من الفشل، سواء بالنسبة للأهداف أو بالنسبة للممارسات التى قامت بها بعض القوات والمسئولين الأمريكيين، ولذلك تقلص دور المحافظين الجدد.. ولكن ما بدأنا نراه أنهم لم يختفوا كليا من الساحة بل موجودون فى كلا الحزبين الجمهورى والديمقراطى وليس فى الجمهورى فقط، لكنهم فقط سيطروا على الحزب الجمهورى فى إدارة بوش الابن، الآن أيضاً نسمع عن مفهوم جديد هو التدخل والحرب باسم «الإنسانية» وهذا ابتدعه من يصنفون باسم «الليبراليين الجدد».
■ وما ملامح هذا المشروع؟
- ركز هؤلاء على أن المحافظين فى الولايات المتحدة يواجهون تحديات كبيرة، خاصة فى وجود إدارة «كلينتون»، وغير قادرين على تنفيذ أجندتهم، ومن ثم هناك حاجة لتنظيم جديد برؤية جديدة وبطرح تصور ما يجب أن تكون عليه الولايات المتحدة، وما يجب أن تكون عليه القوى المحافظة، والأهم أن أمريكا يجب أن تحتفظ بتفوقها وتمنع أى دولة أخرى من الاقتراب من تفوقها. ومن هذا المؤتمر ظهرت شخصيات لعبت بعد ذلك أدواراً قيادية فى إدارة بوش الابن من بينهم: رامسفيلد وديك تشينى وآخرون.
■ نتوقف عند إعادة الجغرافيا السياسية للمنطقة العربية.. هل جرى استغلال حالة السيولة التى خلقها «الربيع العربى» لتمرير هذا المشروع؟
- واقع الأمر أن الإدارة الأمريكية منذ عهد «كلينتون» كانت تحتضن الليبراليين الجدد، وهم يؤمنون بأن الولايات المتحدة يجب أن يكون لها دور فى نشر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وبروز حكومات تكون منتخبة وبالتالى ممثلة لشعوبها ويمكن محاسبتها، وفيما يخص الظرف الراهن هناك طرحان، الأول يقول إن الولايات المتحدة لعبت دوراً فى وصول هذه الأنظمة والجماعات للحكم، والطرح الآخر يقول إنه حتى لو لعبت أمريكا هذا الدور فإنه يبقى محدودا وبالتالى فإنه عندما برزت ثورات وانتفاضات الربيع العربى، فإن الولايات المتحدة شعرت بأن هذه المتغيرات تقدم لها فرصة لتحقيق أهداف كانت تأمل فى تحقيقها بهذه المنطقة، فى نفس الوقت كانت هناك رؤية لبعض السياسيين الأمريكيين بأن هناك الآن تيارات إسلامية صاعدة فى الشرق الأوسط وعلى الولايات المتحدة أن تكون جاهزة لهذا الواقع وأن تتعامل معه عن طريق مساعدة قوى إسلامية معتدلة.
■ وما الطرح الذى كانت له الغلبة فى النهاية؟
كانت هناك مناقشات كثيرة جرت فى العديد من الأماكن، من بينها «الخارجية» الأمريكية، وكان السؤال: «هل نتعامل مع أنظمة لحركات إسلامية أم نستمر فى دعم أنظمة غير ديمقراطية لكنها جلبت الاستقرار؟». والصراع هذا ظل غير محسوم لفترة طويلة، لكن مع الانتفاضات التى شهدتها المنطقة عاد هذا الصراع وظهر فى ردود الفعل الأولى للإدارة الأمريكية تجاه ثورة يناير فى مصر، وكانت تتحدث عن العلاقة الشخصية مع الرئيس مبارك والعلاقة الاستراتيجية حتى بعد انفجار الأمور فى مصر ظلت النبرة متحفظة إلى أن تم التغيير الجذرى، حتى إن تصريحات السفير الأمريكى السابق الذى تم إرساله للقاهرة وقتها كمبعوث لم تلقَ ترحيبا من قِبل الإدارة وتقرر إعفاؤه من الاستمرار فى هذه المهمة؛ لأن الأمور كانت قد حُسمت فى أمريكا، وبدأنا نسمع أن على الرئيس المصرى أن يرحل، وعلى الفور. هناك بعض المحللين يعتقدون أن الإدارة كانت تعتقد أن هذه فرصة حقيقية لنشر الديمقراطية كما كانت هناك بعض الأصوات من بعض الحلفاء لأمريكا مثل رئيس الوزراء التركى، رجب طيب أردوغان، الذى استطاع بناء علاقات وثيقة مع الإدارة الأمريكية وكان الاعتقاد أن الإخوان فى مصر بإمكانهم لعب دور، هو مواجهة التيارات المتشددة من جهة، ومن جهة أخرى سوف يكونون حكومة إسلامية ديمقراطية على النموذج التركى، وبنفس الوضع تقبلت أمريكا حركة النهضة فى تونس، وتدخلت مع القوى الأخرى عسكريا فى ليبيا بحجة مواجهة ديكتاتور يقمع ويقتل شعبه، وظهرت بعد ذلك الأجندة الاقتصادية النفطية للأوروبيين وكذلك لأمريكا أيضاً فى ليبيا. هذه كانت القناعات وربما هى ما دفعت أيضاً الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لكى يشير إليها فى مقال «نيويورك تايمز» عندما تحدث عن هذه الأحادية الأمريكية، وقال إنه «إذا نظرنا إلى التجارب الأمريكية فى العراق وأفغانستان وليبيا سنرى أن ما حدث كان كارثيا وأثبت أنكم لا تعرفون هذه المنطقة جيدا ونحن نعرفها بطريقة أفضل منكم».
■ هل يمكن القول إن ثورة المصريين الكبرى فى 30 يونيو أربكت الحسابات الأمريكية فى المنطقة؟
- أعتقد أن الإدارة الأمريكية، دون شك، فوجئت بالطريقة التى تمت بها الأمور فى مصر، وعلى الرغم من أن الإدارة كانت تعلم أن مصر كانت تواجه الكثير من التحديات وأن حكومة «مرسى» كانت تواجه الكثير من الصعوبات، بدأت الإدارة فى توجيه بعض الانتقادات الخفيفة لحكومة الرئيس المعزول فيما يتعلق بحرية الإعلام والمشاركة السياسية... إلخ. أيضا كان هناك اعتقاد واعتراف بأن هناك حشودا كبيرة من المصريين نزلت إلى الشارع، لكن النخب الأمريكية فى الإعلام أو فى الكونجرس أو حتى فى بعض أروقة الإدارة، خاصة «الخارجية» ومجلس الأمن القومى، كانوا يعتقدون أن هذا «انقلاب عسكرى» مقنّع؛ لأن القوة الحقيقية التى تُسيّر الأمور هى القوات المسلحة، والإدارة الأمريكية وجدت أن هذا الاتجاه معاكس لما كانوا يأملون فى السير عليه فى مصر. ونذكر هنا مواقف السفيرة الأمريكية فى القاهرة التى أعلنتها من مسألة المظاهرات، وكان هناك أيضاً بروز لدور جديد لبعض الصقور القريبين من المحافظين الجدد فى مجلس الشيوخ من أمثال السيناتور جون ماكين والسيناتور ليندسى جراهام وبعض الليبراليين الجدد أيضاً، الذين بدأوا يتبنون مواقف ضاغطة على الإدارة لوقف المساعدات عن مصر، وتناسوا أن هذه المساعدات جاءت بموجب اتفاقيات كامب ديفيد، علما بأن هناك استفادة حصلت عليها الشركات الأمريكية من خلال هذه المساعدات أيضاً؛ لأن جزءا كبيرا من هذه الأموال كانت تنفق على شراء معدات أمريكية، وبالتالى تنفق فى الولايات المتحدة. وبعض المسئولين فى الكونجرس ظنوا أن المساعدات ورقة يمكن بها الضغط على القيادات المصرية الجديدة وظهر التلويح باستخدام هذه الورقة قبل فترة قليلة حين وقف السيناتور ماكين والسيناتور جراهام وقالا إن هذا انقلاب عسكرى وبالتالى يجب قطع المساعدات وتطبيق القانون الأمريكى فى هذا الصدد.
■ وما سر كل هذا التخبط؟
- لأن هناك رؤى مختلفة داخل الإدارة، البعض يؤيد هذا التوجه والبعض الآخر ضده. والذى حدث فى مصر مثير، وهو ما جعلك ترى جمهوريين وديمقراطيين يؤيدون ذلك وفى نفس الوقت ترى ديمقراطيين وجمهوريين يعارضون ذلك. هذا ما يحدث حاليا ونشاهده أيضاً فيما يخص سوريا، نرى جمهوريين وديمقراطيين يطالبون بالتدخل العسكرى فى سوريا وفى نفس الوقت نرى جمهوريين وديمقراطيين ضد التدخل الأمريكى فى سوريا. ما نراه باختصار ظاهرة جديدة هى ضعف وتغيير نظرة النواب حول الولاء الحزبى، عندما تنظر مثلا إلى دعوة «أوباما» لقيادات مجلسى الشيوخ والنواب للاجتماع معه قبل أسبوع، وعبرت القيادات الجمهورية والديمقراطية عن تأييدها لإعطاء الرئيس أوباما تفويضا بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، لكن بعد ذلك وجدنا فى الكونجرس أن مواقف القيادات التقليدية لم تعد لديها القدرة على التأثير على بقية الأعضاء، خاصة الأعضاء الجدد الذين انتخبوا خلال الدورتين الأخيرتين، فلا يوجد وضوح فى الرؤية بصفة عامة.
■ فى هذا الإطار.. أين الإعلام الأمريكى من هذه المعادلة، أخذاً فى الاعتبار السقطات المهنية التى ارتُكبت فى تغطيته للثورة المصرية؟
- هناك أمر بدأنا نلاحظه فى الولايات المتحدة، هو أنه لم تعد هناك محاسبة أو مساءلة للقيادات التى تخطئ، مثلا جورج بوش ونائبه لم نرَ أى شىء معهما. وفيما يخص الإعلام أعتقد أنه أمر بالغ الأهمية، سواء فيما حدث أو يحدث أو سيحدث فى الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الدور المتغير لوسائل الإعلام الأمريكية، حيث أصبح هناك إعلام جديد يلعب دورا يسمح أحيانا بالقواعد التقليدية للإعلام ولم يعد يلعب دور الرقيب على السلطة، علما بأن الإعلام كان أحد أسباب القوة الأمريكية؛ لأن الآباء المؤسسين لأمريكا آمنوا بأن هناك دورا أساسيا للإعلام لكى يكون رقيبا على السلطة. وفى الفترة الأخيرة بدأنا نلاحظ أنه لا يوجد هناك رقيب على السلطة بل الإعلام أصبح -كما يقول بعض النقاد فى هذا المجال- ليس فقط يتبع السلطة بل يزايد عليها، وهذا فى تقديرى مرجعه الشركات المالكة لوسائل الإعلام، وأصبح هناك «فجوة» بين الرأى العام الشعبى فى أمريكا والنخب فى واشنطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.