اعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن المقترح الروسي بوضع السلاح الكيماوي السوري تحت الرقابة الدولية، هو محاولة أخيرة لتفادي توجيه ضربة أمريكية ضد سوريا. ورأت الصحيفة اليوم أن المقترح الروسي جدير بالاهتمام ويستحق الاختبار، وأنه يُظهر أن التلويح باستخدام القوة ولو على نحو محدود يمكن أن يجدي نفعا حقيقيا، وأن سرعة تصويت الكونجرس دعما للرئيس الأمريكي باراك أوباما لا يزال أمرا ضروريا. ونوهت بما أثاره استخدام السلاح الكيماوي في ريف دمشق قبل ثلاثة أسابيع من تغيير في توجه الإدارة الأمريكية، التي طالما ناوأت دعوات التدخل العسكري في هذه الحرب الأهلية التي تتزايد دمويتها يوما بعد يوم. وذكرت "فاينانشيال تايمز" أن لجوء النظام السوري إلى السلاح الكيماوي جعل من المستحيل على إدارة أوباما الاستمرار في اتخاذ وضع المتفرج، لاسيما أن الرجل كان جعل استخدام الكيماوي خطا أحمر رسمه قبل 12 شهرا، محذرا من أن تخطيه كفيل بأن يجعله يغير حساباته المتعلقة باستخدام القوة. ولفتت الصحيفة البريطانية إلى ما مثله استخدام الكيماوي في سوريا مؤخرا من تحدٍ معنوي واستراتيجي للجهود العالمية، التي نجحت عام 1993 في التوصل إلى اتفاقية لحظر استخدام السلاح الكيماوي حتى في حالة الحروب، وقعت عليها كافة دول العالم باستثناء خمس دول من بينها سوريا. وأشارت إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها مخالفة الاتفاقية منذ تفعيلها، مرجحة أن الإحساس المتزايد بأن استخدام النظام السوري للكيماوي ضد شعبه لا يمكن التغاضي عنه، هو ما دفع موسكو إلى طرح مقترحها الذي يدعو لتوقيع دمشق على اتفاقية حظر استخدام السلاح الكيماوي، ووضع مواقع تخزينه تحت الرقابة الدولية، بالإضافة إلى تدمير كافة مخزوناتها من الأسلحة، مضيفة أن المقترح الروسي أفضل من بديله وهو استخدام القوة، لكنها قالت إن الشيطان يكمن في التفاصيل؛ ذلك أن إدخال مفتشين دوليين إلى سوريا يتطلب حماية مسلحة مشددة أو إنهاء الصراع المستعر. ولفتت الصحيفة إلى أنه ليس هذا ولا ذاك أمرا محتمل الوقوع سريعا، مؤكدة أن ثمة احتياج لرؤية خطة مفصلة وجدول زمني واضح لا تزيد مدته عن أيام أو أسابيع وليس شهورا. وأضافت الصحيفة البريطانية أن المقترح الروسي جدير بالاختبار، كما أن تعاون روسيا في التخلص من السلاح الكيماوي السوري يصب في مصلحة الجميع إذا كانت النتيجة هي سوريا بلا أسلحة كيماوية، لكنها رأت في الوقت نفسه أنه من الأهمية بمكان الإبقاء على مباشرة الضغوط على النظام السوري، بما في ذلك الاستمرار في التلويح بشن هجمات جوية يباركها تصويت قوي من الكونجرس، موضحة أن أهم ثمار التلويح بشن تلك الهجمات تجلى في المقترح الروسي الأخير، وأن من شأن الاستمرار في هذا النهج أن يُحدث تغييرا في توجهات النظام السوري بما فيه مصلحة الجميع.