ولما كنا فى نظام رئاسى وعملاً بالمادة 56 من الإعلان الدستورى فإن الرئيس هو المسئول وحده عن اختيار رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء أخيراً اختار الرئيس محمد مرسى الدكتور هشام قنديل رئيساً لمجلس الوزراء، وقد كان الاختيار مفاجأة للجميع، فلم يُعرف عن الرجل أنه كان من رجال السياسة أو من الشخصيات الوطنية المشهود لها بالكفاءة سواء فى الاقتصاد أو علم الإدارة بما يمكنه من تنفيذ البرامج الطموحة التى خاض بها الرئيس مرسى الانتخابات تحت اسم مشروع النهضة، ولايعنى هذا الكلام التقليل من شأن رئيس الوزراء الجديد فلا شك أنه يعتبر من جيل الشباب المؤهل علمياً على أعلى مستوى فى مجال تخصصه ولربما تظهر له مواهب فى القدرة على الإدارة والتخطيط والتنفيذ لأن المنصب قد يفجر طاقات كامنة فيمن يتولاه، وكل ذلك ستظهره الأيام المقبلة. وقد عكس هذا الاختيار مدى ما كان الرئيس مرسى يعانيه من ضغوط قيل إنها كانت تمارس من جانب جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة كى تكون أغلبية الحقائب الوزارية منهم وعلى وجه الخصوص الوزارات الهامة كالداخلية والمالية بل والخارجية والإعلام أيضاً باعتبار أنهم أصحاب الفضل الأول فى ترشيح الرئيس أولاً ثم دعمه بتكفل حملته الانتخابية وحشد الأصوات له وقيل أيضاً -من بين ماقيل- إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة كان يمارس ضغطاً على الرئيس لإصراره على عدم تولى أحد من الإخوان الوزارات الهامة سالفة الذكر وأن يكون اختيار هؤلاء الوزراء بموافقة المجلس، وهناك من تكهن بأن كثرة الاعتذارات من قِبل شخصيات وطنية وتتمتع بالكفاءة عن عدم قبول المنصب لعدم رغبتهم فى التعاون مع الإخوان المسلمين. ولما كنا فى نظام رئاسى وعملاً بالمادة 56 من الإعلان الدستورى فإن الرئيس هو المسئول وحده عن اختيار رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفائهم من مناصبهم وأمام هذه السلطة فإن عليه وحده تقع المسئولية السياسية للرئيس أمام الشعب ولا أحد يستطيع أن يدفع هذه المسئولية عنه سواء جماعة الإخوان المسلمين أو حزب الحرية والعدالة أو المجلس الأعلى للقوات المسلحة ولذلك فلا أعتقد أن الدكتور هشام قنديل سيكون حراً فى اختياراته وبمعزل عن الرئيس. ومن هنا فإن اختيار الدكتور هشام قنديل كان لتجنب أى صدام مع أى من القوى السابق ذكرها بمن فيهم القوى المدنية والليبرالية التى تعهد لها الرئيس بأن يكون رئيس الحكومة من خارج الإخوان. ولما كانت البلاد تعانى من مشكلات ضخمة تهدد مستقبلها كمشاكل الأمن وعدم انضباط الشارع والبطالة وتدنى مستوى الخدمات فى التعليم والصحة والإسكان فضلاً عن المشاكل الخارجية والمؤامرات التى تحاك ضد مصر فإن على الرئيس مرسى ورئيس وزرائه أن يستعين فى المناصب التنفيذية بالكفاءات الفنية والمحترفة والقادرة على وضع الحلول وتنفيذها على الأرض، فلا وقت ولا مجال للتجربة ولسنا فى رفاهية سداد فواتير انتخابية أو شراء خواطر وولاءات لأن أى فشل فى المرحلة القادمة لن يدفع ثمنه إلا الرئيس، خاصة أن حزب الحرية والعدالة كان دائماً ما يتعلل بأنه لكى يحل المشاكل يجب أن تكون له السلطة التنفيذية، وها هى السلطة التنفيذية بين أيدى رئيس حزبكم السابق كاملة ولا أعتقد أنه يمكن التعلل بعدم الإنجاز أو الفشل بالإعلان الدستورى المكمل بمقولة إنه يسحب سلطات من رئيس الجمهورية، الإعلان الدستورى لم يسحب أى سلطة من الرئيس وإنما أعطى المجلس الأعلى للقوات المسلحة سلطات ستنتهى بوضع الدستور الجديد، ولن نقبل أيضاً التعلل بأن أجهزة الدولة غير متعاونة، فلرئيس الجمهورية أن يطيح بكل القيادات التى تسعى إلى هذا التعطيل وأن يختار من يتعاون معه بصدق لتحقيق برنامجه. وأدعو الرئيس أن يبتعد عن إحداث أى قلاقل دستورية أو قانونية تدخل البلاد فى حالة من الانقسام والاستقطاب مرة أخرى فالاستقرار سيكون يقيناً من صالحه وصالح الوطن فى الفترة الحرجة القادمة وكذلك وبنفس القدر أدعو قوى المعارضة -التى أنا منها- إلى الهدوء خلال هذه الفترة مع ترقب ما سوف ينجزه الرئيس دون تطاول أو تصيد للأخطاء، فدور المعارضة الصادقة الحقيقى هو أن تنير الطريق أمام الحاكم الذى تختلف معه وتكشف العوار والفساد أو الانحراف بالسلطة وأن تتصدى للفساد فى الرأى وفى الذمم دون طمع فى سلطة أو نفوذ أو منافع وفى المقابل على الحاكم أن ينظر إلى المعارضة باحترام وتقدير وأن تؤخذ آراؤهم وانتقاداتهم مأخذ الجد دون تخوين أو تسفيه وألا تأخذه العزة بالإثم فسقوط الحاكم المستبد وحزبه ونظامه ليس ببعيد.