انتظر الجمهور بتشوق عرض الأعمال الدرامية التى بدا قبل العرض أنها ستكون منافسة شرسة وسيظهر فيها الجميع أفضل ما عنده، وكان الانتظار الخاص من نصيب نجوم السينما الذين نزحوا من الشاشة الكبيرة إلى الشاشة الصغيرة، بعدما ضاق بهم الحال وتراجع شباك التذاكر، إما بسبب الظروف الصعبة التى مرت بها البلاد، وإما بسبب تراجع مستوى حضورهم السينمائى، لكن من الواضح أنهم لم يحاولوا خلع الثياب التى اعتادوا عليها سينمائيا، رغم أنهم لو حاولوا لقدموا شاشة درامية مبهرة، لكن استسهال كبار النجوم كان سيد الموقف، فانعكس ذلك بالطبع على رد فعل الجمهور وانطباعاته الأولية عن الحلقات الأولى بشكل سلبى جدا. فمن شاهد الحلقات الأولى من مسلسل «سيدنا السيد» لجمال سليمان يشعر أنه أمام جزء ثان من مسلسل «حدائق الشيطان»، أيضا من يشاهد الحلقات الأولى من مسلسل «خطوط حمرا» لأحمد السقا يشعر منذ اللحظة الأولى أنه أمام فيلم «المصلحة»، فهو نفس الضابط الذى يكافح مهربى المخدرات بنفس الأداء ونفس التفاصيل، أيضا من يشاهد مسلسل «شربات لوز» ليسرا يشعر أن الفنانة راودها الحنين لشخصية «نادية أنزحة» التى قدمتها دراميا منذ سنوات، ونفس الحال بالنسبة لتيمة «الهارب» كريم عبدالعزيز التى استعملها فى «واحد من الناس» و«خارج على القانون»، أما الاستنساخ الكبير الذى يعتبر أسوأ استنساخ درامى لهذا العام بشهادة النقاد فقام به مصطفى شعبان فى مسلسل «الزوجة الرابعة»، الذى لا يفرق فى شىء عن مسلسل «عائلة الحاج متولى». حول هذه الظاهرة يتحدث بعض المؤلفين والنقاد. يقول الناقد نادر عدلى: فعلا هذا العام استنسخ عدد من النجوم أعمالا قدموها من قبل، وحوروها بشكل أو بآخر لتتحول إلى مسلسلات، وهذا يرجع إلى استسهال هؤلاء النجوم وعدم رغبتهم فى محاولة التجويد، وأنهم اتجهوا للعب فى المضمون من خلال تكرار أدوار قدموها من قبل، ولاقت نجاحا مميزا بعد عرضها، وللأسف هذه الظاهرة منتشرة جدا، والنجم أصبح يستهلك نفسه فى اللون الذى يلمس نجاحه فيه، حتى يجد نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يطرد خارج سباق المنافسة تماما، وإما يغير جلده ويبحث له عن مخرج فنى جديد، وهذا ما فعله «الفخرانى» هذا العام؛ حيث غير جلده تماما، وقدم مسلسلا يستحق المتابعة؛ لأن فيه تركيبة لم نرها للفخرانى من قبل، أما أحمد السقا وكريم عبدالعزيز فجاءا هذا العام بنفس أدوار أعمالهما السينمائية دون اختلاف أو تجديد للخطوط العريضة على أقل تقدير، وهذا يرجع لإحساسهما بأن العائد المادى تليفزيونيا سيكون أفضل من السينما التى تراجعت بهم ومعهم فى الفترة الأخيرة، أما مسلسل «الزوجة الرابعة» فهو أسوأ حالات الاستنساخ لهذا العام، لأنه إعادة إنتاج لشخصية «الحاج متولى» التى قدمها نور الشريف، ولكن بشكل سيئ، وبألفاظ بذيئة، وبحوار غاية فى التدنى، وبدراما مترهلة عموما، وبالنسبة لمسلسل «سيدنا السيد» فشعورى أنه رغم التشابه المبدئى بينه وبين شخصية «مندور أبوالدهب» فى «حدائق الشيطان» فإنه سيقدم شيئا جديدا، ووراءه تركيبة مختلفة ستظهر على مدار العرض، أما يسرا فأنا لا أعلم «هى بتعمل فى نفسها كده ليه»، وإلهام شاهين يبدو أنها معجبة ومستمتعة بأدوار السيدة المطرودة من الرجال والمرغوبة من رجال آخرين، وهذا حقق لها إشباعا فنيا، ولم تعد تفكر فى تقديم جديد، ونفس الحال لأبطال مسلسل «الطرف الثالث» الذين استنسخوا نجاحهم فى «المواطن إكس» العام الماضى. ويقول الناقد طارق الشناوى: بنسبة كبيرة جدا هناك تشابه فى الخطوط العريضة لما يقدمه النجوم هذا العام، وما قدموه من أدوار من قبل، وهذا انعكاس لقدر عال جدا من الكسل، ومحاولات اللعب فى المضمون، وانعدام روح المغامرة عند الفنان الذى يخشى قلة الإقبال عليه، وهؤلاء النجوم يستطيعون بكل تأكيد تقديم الأفضل ولديهم الإمكانيات لذلك، لكنهم أكسل من المحاولة والمغامرة التى هى فى الواقع أقرب الطرق لتحقيق النجاح الملموس. أما الناقدة ماجدة خير الله فتقول: فعلا عندما شاهدت مسلسل «خطوط حمرا» لأحمد السقا شعرت أننى أمام فيلم «المصلحة» من جديد، لكنى قررت انتظار العرض للنهاية حتى يكون حكمى منصفا وغير مستبق للأحداث، لكنى أستطيع تأكيد أن مسلسل «الزوجة الرابعة» لمصطفى شعبان هو استنساخ فعلى وغير جيد لمسلسل «الحاج متولى» لأنى رأيته كاملا قبل العرض، وبالتالى كونت هذا الرأى النهائى تجاهه، وعموما المسلسل ليس هو البطل بمفرده، فالمسلسل تفاصيل كثيرة جدا، وأبطال ووجوه جديدة قد تصبح نجوم صف أول فى يوم من الأيام، وبالتالى علينا ألا ننظر للعمل على أنه تقييم لشخص بعينه، لأن كل الموجودين فى العمل يستحقون المتابعة. ويرد المؤلف محمد صفاء عامر على هذه الظاهرة التى تتضمن استنساخ ما قدمه فى «حدائق الشيطان»: أخلاقى تجعلنى لا أعلق على أعمال غيرى، حتى لو لدى انطباع سأحتفظ به لنفسى ولن أعلنه، وعموما من الأفضل الانتظار حتى انتهاء العرض كاملا. أما السيناريست أحمد أبوزيد، مؤلف مسلسل «خطوط حمرا» لأحمد السقا، فرد قائلا: طبيعة مسلسلى مختلفة تماما عن فيلم «المصلحة» وقد كتبت العمل وكان هذا الفيلم فى مرحلة التصوير ولم أكن أعرف عن تفاصيله أى شىء، وليس من حقى أن أسأل «السقا» عما يقدمه بعيدا عنى، وعموما تشابه الشخصيات ليس معناه الاستنساخ، فكلية الشرطة فيها مئات الضباط، ولكل منهم شخصية مختلفة، وبالتالى دور الضابط الذى يكرره ليس عيبا طالما يقدمه بتفاصيل ومعالجة وطريقة مختلفة. ونفس الرد جاء على لسان المؤلف تامر حبيب، مؤلف مسلسل «شربات لوز» ليسرا؛ حيث قال: أنا لم أشاهد شخصية «نادية أنزحة» ليسرا، وسألتها عن هذه الشخصية عندما عرضت عليها «شربات لوز» فأكدت لى أن «نادية أنزحة» كانت نصابة وتتنكر كثيرا وأكدت هى لى أن الشخصيتين مختلفتان، وعموما ليس معنى أن نادية وشربات شخصيتان سليطتا اللسان أنهما متشابهتان.