«الببلاوى» هو «قنديل» بس بعد تغيير الكفيل.. ففى ظل حكومة «هشام قنديل» لعبت دولة قطر دور الكفيل للحكومة المصرية، فزودتها بمعونات وودائع دولارية سخية حتى تغطى عجزها الاقتصادى. ومع قدوم «الببلاوى» لم يطرأ جديد على السياسات الحكومية. كل ما حدث أننا تحولنا من الكفيل «القطرى» إلى الكفيل «السعودى»، يسانده فى ذلك الكفيل «الإماراتى». فما إن استطاع الشعب المصرى الإطاحة بمرسى وإخوانه فى 30 يونيو حتى ظهرت المملكة العربية السعودية والإمارات فى الصورة، وبدأت المليارات الدولارية تتدفق على مصر، بالإضافة إلى شحنات الغاز والسولار والبنزين، فى محاولة لتغطية عجز الحكومة عن تدبير الموارد اللازمة لتلبية الاحتياجات المعيشية للمواطن. وكان من الطبيعى -بعد 30 يونيو- أن تعلن قطر عن تراجعها عن ضخ أى مليارات جديدة لمصر، بل وتطالب بسداد الوديعة التى وضعتها بالبنك المركزى المصرى، وقيمتها 2 مليار دولار كما أشارت بعض التقارير. فقد فهمت قطر أن مصر «غيرت كفالة»، وبدأت تتصرف طبقاً لذلك. ربما يكون البعض قد غضب من الموقف القطرى، وهو أمر طبيعى قطعاً، لكن يمكن لهؤلاء الغاضبين استيعاب الأمر إذا أخذوا فى الاعتبار المنطق الذى يحكم العقلية الخليجية فى التعامل مع المصريين، ربما يفهم ذلك من ذهب للعمل داخل واحدة من دول الخليج، فهو يعلم أنه لا بد أن يعمل من خلال كفيل، وكيف يمكن أن يتنقل المسافر سعياً على رزقه من كفيل إلى آخر، إذا غيّر العمل! لقد كتبت قبل بضعة أسابيع من الآن أحذر من الاعتماد على المعونات الوافدة لنا من دول الخليج، ولا يفرق فى نظرى أن يكون مصدرها الكفيل القطرى أو السعودى أو الإماراتى، فهى فى كل الأحوال عبارة عن مسكنات قد تسهم فى تخفيف الوجع الاقتصادى لفترة من الزمن، لكن ذلك لن يمنع هذا الوجع من الثورة مرات ومرات بمجرد اختفاء أثر «المسكن». لقد كنت أتوقع من حكومة الدكتور «الببلاوى» أداءً مختلفا عن حكومة «قنديل» التى كان أداؤها سبباً جوهرياً من أسباب غضب الشارع المصرى على «مرسى» وإخوانه، واحتشاده ضدهم فى 30 يونيو. والخوف كل الخوف أن يتسبب الأداء الارتجاعى للحكومة الحالية والمعتمد على نظام «الكفالة الخليجية» فى دفع الشارع إلى الغضب من جديد. ومهما كانت درجة البلادة التى قد يتميز بها البعض فإننى أتصور أن الجميع استوعب الدرس الذى يقول إن المصريين لن يصبروا طويلاً على أداء مسئول أو مؤسسة لا يرتقى إلى مستوى طموحاتهم وآمالهم، وإن الشعب الذى أسقط رئيسا تجذر فى الحكم ثلاثين عاماً، وأسقط الرئيس الذى تلاه بعد عام واحد من وصوله إلى القصر قادر على فعل المزيد.. وليس على من يتشكك فى ذلك إلا أن يستمر على أدائه الركيك ثم ينظر ويرى! **