مشكلة الخبز لا يمكن حلها بشكل كامل خلال المائة يوم، ولكن من الممكن قطع خطوات مهمة على طريق الحل. فى كلمته لتهنئة الشعب المصرى بقدوم شهر رمضان المبارك دعا الرئيس محمد مرسى كل أبناء الشعب للمشاركة فى حملة قومية للنظافة يومى الجمعة والسبت المقبلين، وذلك فى إطار خطة المائة يوم التى تعهد فيها بتحقيق خمسة أهداف عاجلة هى الأمن والانضباط المرورى وتوفير الوقود من بنزين وبوتاجاز وسولار وتوفير الخبز وتوفير الدواء وأخيرا النظافة، وقد تحرك الرئيس سريعا لتحقيق المطلب الأول والخاص بالأمن والانضباط المرورى وذلك بتكليف وزارة الداخلية بكل أجهزتها المختصة بالقيام بهذه المهمة، وشهدنا خلال الأيام الماضية وجودا لافتا للدوريات واللجان المرورية فى الطرق العامة وحتى فى الأحياء الشعبية، ورغم أن ذلك الحضور لرجال المرور لم يمنع الاختناقات المرورية وسط العاصمة بشكل كامل فإننا نتوقع أن يخفف منها إلى حد كبير خلال الأيام المقبلة، كما بدأنا نشاهد حضورا لدوريات أمنية فى المناطق الشعبية لمواجهة أعمال البلطجة والفلتان الأمنى، ومجرد مرور هذه الدوريات و«البوكسات» يشعر المواطنين بالأمن ويشعر الخارجين على القانون بالخوف. وإذا كانت مشكلة الوقود اختفت -وقتيا- فى القاهرة الكبرى ومحافظات الدلتا، فإنها لا تزال محتدمة فى بعض محافظات الصعيد، وهذا ما يحتاج تدخلا عاجلا من مؤسسة الرئاسة بتكليف الأجهزة المحلية والأمنية فى تلك المحافظات للتدخل السريع ومعرفة سر تلك الاختناقات وتعقب الجناة الذين يتسببون فيها، وتوفير كميات إضافية من الوقود لتلك المناطق التى عانت كثيرا من الحرمان فى ظل العهد السابق. فى تقديرى أن مشكلة الخبز لا يمكن حلها بشكل كامل خلال المائة يوم، ولكن من الممكن قطع خطوات مهمة على طريق الحل، عبر تضافر جهود الأجهزة المحلية ومكاتب التموين وأصحاب المخابز والمجتمع المدنى، وعبر ابتكار طرق أكثر عدالة للتوزيع بحيث توفر الخبز بجودة ووزن مناسبين للمواطنين دون عناء أو طوابير وفى الوقت نفسه تحقق لأصحاب المخابز هامشا ربحيا يعينهم على الاستمرار. تبقى القضية الأكثر قابلية للحل السريع وهى النظافة، صحيح أنها مشكلة كبرى لا تخلو منها مدينة أو حى أو شارع أو طرق عامة أو فرعية، لكن الصحيح أيضا أن القضاء عليها ليس مهمة صعبة أو مستحيلة، فالدولة المصرية تمتلك إمكانيات كبيرة ممثلة فى الأحياء وهيئات النظافة والتجميل بالمحافظات التى يعمل بها جيوش كبيرة من العاملين تسندهم آلاف سيارات نقل القمامة، وهؤلاء يحتاجون فقط إلى قيادات واعية مؤمنة برسالتها وبدورها فى تنظيف بلدها أو مدينتها، ومن يعجز عن القيام بدوره أو يتراخى فيه لسبب أو لآخر عليه أن يخلى المكان لغيره، وسيجد الدكتور محمد مرسى آلاف القيادات الوسيطة المخلصة والراغبة فى خدمة وطنها والقادرة على الإنجاز وتحقيق خطة المائة يوم ربما فى أقل من هذه المدة. إلى جانب الجهد الرسمى -وهو الأكثر فعالية إذا صدق القائمون عليه- هناك الجهد الأهلى، وهو ما طالبه الدكتور محمد مرسى بالمشاركة فى الحملة القومية للنظافة يومى الجمعة والسبت المقبلين، وحين يتوجه الرئيس بهذا الخطاب إلى الشعب فهو على يقين بأن الحملة ستشمل كل أنحاء مصر من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، وربما سنكون أمام منظر مليونيات للنظافة تنافس مليونيات التحرير والميادين الأخرى، وربما نجد تنافسا بين القوى الوطنية المختلفة فى المشاركة فى هذه الحملة، ونسعد جميعا بعودة النظافة والجمال إلى شوارعنا، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.