قال الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الرى الأسبق، إن إعلان دولة جنوب السودان عن نيتها التوقيع على اتفاقية «عنتيبى» كارثة جديدة لا تقل خطراً عن «سد النهضة» الإثيوبى، محذراً من أن هذه الاتفاقية لا تعترف بحصة مصر التاريخية من المياه. وأوضح «علام» فى حواره ل«الوطن» أن الاتفاقية لا تقر بجميع الاتفاقيات السابقة مثل اتفاقية 1929 مع دول الهضبة الاستوائية، واتفاقية 1902 مع إثيوبيا، كما لا تقر بالحقوق أو الاستخدامات المائية القانونية والتاريخية لدولتى المصب. ■ بداية ما هى اتفاقية «عنتيبى»؟ - اتفقت دول حوض النيل عام 1997 على العمل معاً والتفاوض فيما بينها لإعداد اتفاقية إطارية تحدد المبادئ العامة لتنظيم واستغلال وتنمية النهر لصالح شعوبه، وصولاً إلى إنشاء مفوضية لحوض النيل تشرف على التعاون ما بين دول الحوض فى إدارة النهر، وتم الاتفاق بين دول الحوض على أن تكون الاتفاقية الإطارية إحدى ركائز المبادرة التى وُقعت عام 1999 بدعم وتمويل دولى وتحت إشراف «البنك الدولى». وأنا أؤكد فى هذا المقام أن إعلان جنوب السودان عن نيتها التوقيع على اتفاقية «عنتيبى» كارثة جديدة لا تقل عن أزمة «سد النهضة». ■ ولماذا ترفض مصر التوقيع على اتفاقية «عنتيبى»؟ - الحقيقة أن أخطار اتفاقية «عنتيبى» على مصر تفوق كثيراً الأخطار المتوقعة من «سد النهضة»، فهى لا تقر بالحقوق والاستخدامات المائية المصرية ولا بالاتفاقيات السابقة، كما أنها لا تتضمن الإجراءات التنفيذية للإخطار المسبق عن أى مشروعات تُقام فى أى دولة فى الحوض، وهو الأمر الذى تستغله إثيوبيا الآن فى بناء «سد النهضة». ■ وما مكونات اتفاقية «عنتيبى»؟ - تتكون الاتفاقية من 44 مادة موزعة على 6 أبواب، بالإضافة إلى مقدمة تشتمل على مادتين، وهى تتناول كل ما يتعلق باستخدامات وتنمية وحماية وإدارة حوض نهر النيل، مع إنشاء آلية مؤسسية للتعاون ما بين دول الحوض تختص بالتعريفات بمصطلحات الاتفاقية. ■ هناك من يرى أن الاتفاقية لم تتطرق لحصص مصر المائية أصلاً؟ - هذا الكلام غير صحيح، فالمادة (4) تتناول الانتفاع المنصف والمعقول بمياه النهر، حيث تنص على حق كل دولة من دول الحوض فى نصيب من الاستخدامات المنصفة والمعقولة من الموارد المائية المتوافرة فى منظومة نهر النيل، وتنص على أهمية أخذ العوامل ذات العلاقة فى الاعتبار عند تحديد الاستخدام المنصف والعادل لكل دولة (الحصة المائية)، وهى الاعتبارات التى تشمل الظروف الجغرافية والهيدرولوجية والمناخية، فضلاً عن الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية وعدد السكان المعتمدين على مياه النهر، وتأثير استخدامات المياه فى الدولة المعنية على دول الحوض الأخرى، بالإضافة إلى الاستخدامات المائية الحالية والممكنة للموارد المائية، والاستخدام الاقتصادى للمياه، وبدائل الموارد المائية المتوافرة فى دول الحوض. ■ هل فى الاتفاقية ما يعيق المشاريع التنموية لمصر فى دول المنبع؟ - بالفعل، فالمادة (6) تنص على الحفاظ على التنوع البيولوجى فى الحوض والمحافظة على الأراضى الرطبة (البرك والمستنقعات)، وقد يكون هذا النص عائقاً حقيقياً أمام تنفيذ مشاريع استقطاب فواقد النهر فى مناطق المستنقعات والتى تخطط لها مصر منذ عقود طويلة، ومنها حفر قناة «جونجلى» التى توقفت فى سبعينات القرن الماضى نظراً لظروف الحرب الأهلية فى جنوب السودان. ■ وما المآخذ الرئيسية على هذه الاتفاقية؟ - الاتفاقية لا تقر بجميع الاتفاقيات السابقة مثل اتفاقية 1929 مع دول الهضبة الاستوائية، واتفاقية 1902 مع إثيوبيا، كما لا تقر بالحقوق أو الاستخدامات المائية القانونية والتاريخية لدولتى المصب، ونصت الاتفاقية على إعادة تقسيم موارد النهر المائية على دول الحوض بمعايير تميل إلى دول المنبع على حساب دولتى المصب، وذلك مقارنة بالمعايير الواردة فى اتفاقية الأممالمتحدة لعام 1997. والاتفاقية لا تتضمن الإجراءات التنفيذية للإخطارات المسبقة بالمشروعات الجديدة، التى شملتها اتفاقية الأممالمتحدة لعام 1997، التى تعطى الحق للدول المتضررة فى الاعتراض على مشروعات وسدود دول أعالى النهر (دول المنبع) إذا ثبت أن لها آثاراً سلبية، وأيضا تنص على تعديل العديد من بنود وملاحق الاتفاقية بالأغلبية (ثلثى الأعضاء) مما يمكن دول المنبع، التى يبلغ عددها 7 دول، من تغيير هذه البنود دون الرجوع إلى مصر أو السودان، ولا تشمل الاتفاقية الإطارية أى بند يسمح بزيادة إيراد النهر لصالح شعوبه، بل تعمل على إعاقة مثل هذه المشاريع، حيث تنص صراحة على المحافظة على الأراضى الرطبة فى دول الحوض، التى تُفقد فيها كميات هائلة من إيراد النهر ومن الممكن من خلال تنميتها زيادة إيراد النهر بما يكفى احتياجات دول الحوض كافة.