غنّت لها فيروز «يا زهرة المدائن»، مضى نصف قرن على الأبيات التى نسجها الأخوان رحبانى، وما زالت الكلمات تدوّى فى الآذان، حزن لحزنها نزار قبانى، وذرف الدموع على أوراق قصيدته الشهيرة «القدس»، وما زال الحزن قابعاً فوق «قبة الصخرة»، نادها عبدالرحمن الأبنودى لتلّم جناحها وتعود لكنها لم تعُد، بل ازدادت غياباً فوق غياب، سبّ فاروق جويدة فى إحدى قصائده محتلَّها ونعته ب«الكلب»، ليتجرأ الكلب ويعضّ اليد الممدودة بالسلام فى أرض السلام. ناجاها محمود درويش فى إحدى قصائده، قال إن المحبة والسلام قادمان لا محالة إلى المدينة، هذا ما يقوله الشعر فى أبياته المنمّقة، أما الواقع فمؤلم، فلا محبة ولا سلام فى صفحة «نضال» بيضاء كبياض الثلج. لأجلك يا مدينة الصلاة أصلّى لأجلك يا بهيّة المساكن يا زهرة المدائن يا قدس يا مدينة الصلاة أصلّى عيوننا إليك ترحل كل يوم تدور فى أروقة المعابد تعانق الكنائس القديمة وتمسح الحزن عن المساجد يا ليلة الإسراء يا درب من مرّوا إلى السماء عيوننا إليك ترحل كلّ يوم وإنّنى أصلّى كلمات: الأخوين الرحبانى غناء: فيروز
يا قدس لِمىّ جناحِك وارجعى تانى لا تصدّقى قولى ولا تئتمنى أحضانى نامى فى حضن العدو.. هُو العدُو الأوَّل يا قدس خافى قوى من العدو التانى الخنجر المختفى وانتى فاكراه ضِلع الأفعى ورا ضحكتى والموت فى أسنانى وصفحتى فى النضال بيضا بياض التلج عبدالرحمن الأبنودى
ارحل عن القدسِ واترك ساحة الحرم هل يلتقى الطهر يا خنزير بالرمم كيف اجترأت على أرض مطهرة أسرى بها خير خلق الله والأمم هذا التراب الذى لوثت جبهته ما زال يصرخ بين الناس فى ألم لوثت بالعار أعتاباً مباركة وجئت كالكلب.. فى حشد من الغنم فاروق جويدة
عائدون، وأصغر إخوتهم (ذو العيون الحزينة) يتقلب فى الجُبِّ أجمل إخوتهم.. لا يعود! وعجوزٌ هى القُدْسُ (يشتعل الرأسُ شيباً) تشمُّ القميصَ فتبيضُّ أعيُنُها بالبكاء وتخلع الثوبَ حتى يجىء لها نبأٌ عن فتاها البعيد أرضُ كنعانِ -إن لم تَكُنْ أنتَ فيها- مراعٍ من الشوك يورثها الله من شاء من أمم فالذى يحرس الأرضَ ليس الصيارف إن الذى يحرس الأرضَ ربُّ الجنود آه من فى غد سوف يرفع هامته غير من طأطأوا حين أزَّ الرصاص؟ ومن سوف يخطب -فى ساحة الشهداء - سوى الجبناء؟ ومن سوف يغوى الأرامل إلا الذى سيؤول إليه خراج المدينة!!؟ أمل دنقل
يا قدس، يا مدينة الأحزان يا دمعةً كبيرةً تجول فى الأجفان من يوقف العدوان؟ عليك، يا لؤلؤة الأديان من يغسل الدماء عن حجارة الجدران؟ من ينقذ الإنجيل؟ من ينقذ القرآن؟ من ينقذ المسيح ممن قتلوا المسيح؟ من ينقذ الإنسان؟ يا قدس.. يا مدينتى نزار قبانى
فى القدس، أعنى داخل السور القديم أسير من زمن إلى زمن بلا ذكرى تصوبنى.. فإن الأنبياء هناك يقتسمون تاريخ المقدّس.. يصعدون إلى السماء ويرجعون أقل إحباطاً وحزناً، فالمحبة والسلام مقدسان ومقبلان إلى المدينة محمود درويش