أكد محمد كامل عمرو -وزير الخارجية المصرية- أن مصر كانت على الدوام دولة فاعلة في قارتها الإفريقية منذ فترة التحرر الإفريقي وإلى الآن، وأن مصر تتمتع برصيد ضخم في إفريقيا. وأضاف عمرو أن ما حدث في السنوات الماضية لا يمكن تسميته بالانحصار للدور المصري في إفريقيا، وذلك في لقائه مع عدد محدود من ممثلي الصحف المصرية فور وصوله إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لرئاسة وفد مصر في اجتماعات المجلس التنفيذي لوزراء خارجية الاتحاد الإفريقي، في إطار أعمال القمة التاسعة عشرة للاتحاد، والتي تنطلق في الخامس عشر من الشهر الجاري، ويرأس وفد مصر خلالها رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي، مشيرًا إلى أن مصر لديها سفارات في كافة الدول الإفريقية إضافة إلى الجهد الذي يقوم به الصندوق المصري لدعم التعاون الفني مع إفريقيا، ولكن الإشكالية التي عاناها الدور المصري خلال الخمسة عشر عامًا الماضية هي غياب الحضور على المستوى الرئاسي أو مستوى القمة، ومن المعروف في العلاقات الإفريقية أن هذا الأمر شديد الأهمية لأن التواصل السياسي بين القادة يساعد في حل كثير من المشاكل على المستوى الفني. وقال إن حضور الرئيس محمد مرسي للقمة الإفريقية التي تعد أولى مناسباته الرئاسية، يعطي إشارة واضحة بأن مصر عازمة على استئناف دورها في إفريقيا على المستوى الرئاسي، وهذا هو الوضع الطبيعي لمصر، مشيرا إلى وجود ترحيب بالغ من القادة الأفارقة بهذه الزيارة. وأكد عمرو أن الرئيس مرسي سيعلن عن رؤية مصر أمام القمة في الجلسة الافتتاحية، فضلا عن إجرائه عديدا من اللقاءات الثنائية، وأن التواصل على المستوى الرئاسي بشأنه يسهم في إيجاد حلول في كثير من الملفات ومن بينها ملف مياه النيل، مشددًا على أن النيل هو منطقة للتعاون وليس للصراع لأن الصراع سيجلب الخسارة للجميع. وأوضح أن الاتصال المباشر واللقاءات المباشرة بين الرئيس ونظرائه تسهل كثيرًا من مهمة المفاوض المصري، كاشفا أن الفترة المقبلة ستشهد اتساعا في النشاط المصري تجاه دول حوض النيل، وأنه لا يوجد تخوف من جانب الدول الإفريقية تجاه العملية السياسية في مصر، لأنه بات واضحا أمام الجميع أن ما حدث في مصر ثورة شعبية أدت إلى عملية ديمقراطية أسفرت عن انتخابات نزيهة ورئيس منتخب، وهو أمر محل ترحاب إفريقي كبير لأن ما يزعج الدول الإفريقية أو يثير قلقهم هو الوصول إلى الحكم بطرق غير ديمقراطية عبر الانقلابات. وردا على سؤال حول اتجاه دول الاتحاد للانقسام بسبب عملية اختيار رئيس المفوضية الإفريقية التي تجرى بين الرئيس الحالي جون بينج ووزيرة خارجية جنوب إفريقيا السابقة زوما، قال عمرو: "إن مصر أوضحت موقفها لعديد من الوفود الإفريقية التي زارت مصر مؤخرا وكان آخرها وفد من تجمع "السادك"، وهو أننا سنقف مع الإجماع الإفريقي ونرجو أن نصل إلى حل توافقي، وأن علينا الانتظار لبيان لجنة الثمانية المشكلة لهذا الغرض. وأوضح أن مصر لم تتقدم بمرشح لهذا المنصب احترامًا للعرف الإفريقي القائم على عدم تقدم الدول الرئيسية في القارة بالتقدم لهذا المنصب، وحرص وزير الخارجية على التأكيد على أهمية عضوية مصر في مجلس السلم والأمن الإفريقي بما يساعدها على لعب دور فاعل في عديد من القضايا على الساحة الإفريقية مثل الوضع في السودان وعلاقته بجنوب السودان، معربًا عن ارتياحه للغة الحوار الحالية الدائرة بين الجانبين، مشيرا إلى أن مصر على اتصال دائم مع الطرفين وتنسق أيضًا مع إثيوبيا في هذا الشأن وكذلك المجلس يبحث في الوضع بالصومال وعديد من الملفات الحيوية، وخاصة منطقة الساحل والصحراء التي تمثل أهمية لمصر، لافتًا إلى وجود مبادرة مصرية بإنشاء مركز لإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد النزاعات، وأن مصر لديها الإمكانات الكاملة لاستضافة هذا المركز. وردًّا على سؤال "الوطن" حول تبعات الرسالة المزدوجة لمصر تجاه إفريقيا بين التفاعلات الداخلية التي ترجمت في مشروع المادة الأولى من الدستور، ونصها أن مصر دولة عربية إسلامية ترتبط بإفريقيا، بين التوجه الخارجي الذي يسعى للعودة بقوة للقارة الإفريقية، خاصة وأن هذا الأمر كان محل أحاديث جانبية على هامش اجتماعات كبار المسؤولين التحضيرية للقمة، قال وزير الخارجية: "لا أعتبر هذا الأمر ازدواج في الرسالة لأن دوائر السياسة الخارجية لمصر معروفة سواء الدائرة العربية أو الإسلامية أو الإفريقية أو المتوسطية، والدائرة الإفريقية هي إحدى ركائز سياسة مصر الخارجية"، وأشار إلى أن الدستور المصري لا يزال في طور الإعداد وكل ما يتقدم حتى الآن هو مشروعات ليست نهائية. وبعيدا عن مجريات القمة الإفريقية وفي سؤال "للوطن" حول وضع الزميلة شيماء عادل المعتقلة في السودان منذ اثنى عشر يومًا وما فعلته وزارة الخارجية بشأن هذه القضية، قال وزير الخارجية إن الاتصالات تجرى مع الجانب السوداني على كافة المستويات وأعلى المستويات، قام بها السفير المصري في السودان وكذلك من خلال سفير السودان بالقاهرة وأيضا أُجري اتصالًا مع وزير الخارجية السوداني بخصوص هذا الموضوع، وأثناء زيارة نائب رئيس الجمهورية السوداني "نافع علي نافع" لمصر قمنا بإثارة هذا الموضوع، مؤكدا أن الموضوع يلقى اهتماما بالغا، وهناك تأكيدات بعدم إساءة معاملتها إلى أن تُحل هذه المسألة في القريب على النحو الذي نأمله. وردا على سؤال عما إذا كان مشروع الجسر البري الذي يربط بين مصر والسعودية لا يزال مطروحًا، أكد وزير الخارجية أن المشروع ما زال مطروحا ولكن مثل هذه المشروعات تحتاج إلى دراسات فنية، وأنها لا توجد عقبات في تمويله، مؤكدا في هذا السياق أن زيارة الرئيس مرسي الأخيرة للملكة عكست أهمية وقوة العلاقات بين البلدين الشقيقين، والتي تعد ركيزة العمل العربي المشترك. وردا على سؤال خارج السياق حول تقيمه لتجربته بعد مرور عام على تولية منصب وزير الخارجية، قدم كامل عمرو كشف حساب موجز لهذه المهمة، معربًا عن رضائه على ما قام به الجهاز الدبلوماسي المصري خلال تلك المرحلة الحرجة، وأن مؤسسة الخارجية تعاملت بحرفية مع تغيرات جذرية لم تشهدها مصر من قبل، وعملت بكفاءة وحافظت على بوصلة مصر في السياسة الخارجية، ولم يغب عنها الحفاظ على المصالح القومية لمصر فقط بل كانت نشطة، وأنه زار سبع دول لحوض النيل في جولة لم تحدث من قبل، فضلا عن نجاح الوساطة المصرية في أزمة هيجليج بين السودان وجنوب السودان وتطوير العلاقات مع إثيوبيا والانفتاح على منطقة المغرب العربي، والتنسيق مع تونس وليبيا في إطار تعاون لدول الربيع العربي، والتعامل مع الأزمة السورية الآن أصبح الموقف المصري هو المرجعية في العمل تجاه الوضع في سوريا، وكانت مصر أول من طالب بتوحيد المعارضة السورية، وكذلك نجحت الخارجية في تنظيم انتخابات للمصريين بالخارج واعتمدت على كوادرها ولم تكلف خزينة الدولة أية مصاريف، وكذلك التفاعل مع قضايا المصريين بالخارج اختلف عما كان سابقا، وأصبحت تولي اهتمامًا على أعلى المستويات، وقال: "لم نكن ندير أزمات فقط.. الخارجية المصرية لم تكن مغلقة للتحسينات في هذه الفترة، لأنها ترعى مصالح مصر القومية التي لا تعرف المراحل الانتقالية ولكنها مصالح مستمرة".