من السهل على أى أحمق أن يشعل حريقاً، لكن من الصعب عليه أن يتحكم بعد ذلك فى الحدود التى تنتشر إليها النيران، والأصعب عليه أن يطفئ هذا الحريق حين يريد. وفى اللحظة التى أعلن فيها الإخوان كفر معارضيهم فى الحكم، وبدأوا يغمزون ويلمزون فى دين مخالفيهم فى الرأى ظهر عزمهم على إشعال حريق كبير، وأخذت الأمور تتطور أكثر وأكثر حتى اكتملت معالم المشهد بالأمس، فبدأت الجماعة فعلياً فى حرق مصر، انتقاماً من محاولات الأمن فض اعتصامى «رابعة» و«النهضة»، وانطلاقاً من المبدأ الذى أصبح يحكم حركة الإخوان على الأرض منذ نجاح ثورة يناير 2011، وهو: «إما الحكم وإما الحرق». المشكلة أن الإخوان ما زالوا يضحكون على أنفسهم، ويقولون إن انقلاباً حدث ضد «المعزول» أدى إلى الإطاحة بهم من السلطة التى استولوا عليها بعد ثورة لم يكن لهم أى فضل فى قيامها، لا يتوقف أحدهم لحظة ليفكر فى أن الشعب الغاضب هو الذى أسقطهم، كعادتهم دائماً، يكذبون الكذبة حتى يصدقوها، ومع فشلهم فى إقناع الشعب ب«كدبتهم» على مدار أيام اعتصامهم ب«رابعة» و«النهضة» على مدار ما يزيد على ستة أسابيع، قرروا حرق مصر. تقمص المرشد العام روح «نيرون» وأعطى التكليف ل«صبيانه» بحرق الأخضر واليابس فى البلد الطيب الذى نبت لحمه الحرام من مائه وترابه. اختارت الجماعة الخيار الشمشونى، فقررت هدم المعبد فوق رؤوس الجميع. فإذا كان الشعب لم يمكّن الجماعة من الحكم، ولم يدعها تجلس على كراسى السلطة أكثر من عام، فسوف تحرم الجماعة الشعب من أن يختار لنفسه من يحكمه، وأن يصل إلى معادلة استقرار، تؤدى إلى لملمة جراحاته، حتى يبدأ صفحة جديدة من تاريخه، يرسم فيها خريطة أكثر تألقاً لمصر أكثر قوة، وأشد منعة، تستطيع أن تقف فى وجه المتربصين بها فى الداخل والخارج. المعبد الذى استعصى على الهدم عبر سبعة آلاف عام لن يستطيع الإخوان هدمه؛ لأن الله تعالى شاء لهذا البلد الخلود. ألم تقرأوا يا من تدعون أنكم تحفظون كتاب الله آيات القرآن الكريم التى ورد فيها اسم مصر؟ هل تظنون أن «مصر» التى شرفها المولى عز وجل بالذكر فى كتابه العزيز يمكن أن تفنيها جماعة؟ «هيهات هيهات لما توعدون».. إن خلود مصر من خلود القرآن الكريم. النار التى تشعلونها فى هذا البلد سوف تحرقكم أنتم، وسوف تبقى مصر شامخة أبية قوية.. فالدولة التى قهرت الزمن لن يستعصى عليها أن تؤدب مجموعة شاردة عن السرب المصرى المسالم؛ لأن الجماعة -مهما طال أمد الصراع- سوف تخسر فى النهاية، وستكون خسارتها على يد الشعب المصرى نفسه الذى سوف يحرق الإخوان ب«نارهم» ويحمى مصر من مخلفات المتاحف الشمشونية!