الحشود المصطفة أمام باب القصر اضطرته لاستحداثه، لكن البعض اعتبره «خارج العصر»؛ فالدولة لم تعد مقاديرها بيد السلطان بل بيد القانون، وآخرون وجدوا فيه حلاً لرأب الصدع بين الشارع والحاكم، «ديوان المظالم» الذى أسسه د. محمد مرسى رئيس الجمهورية لتلقى شكاوى المواطنين؛ عسى أن يخفف وطأة الضغط من على كاهله ويصرف الناس عن باب قصره. «ديوان المظالم» عالمياً يختلف عن قرينه المصرى، ففى 72 دولة حول العالم تتنوع أدواره بين تلقى الشكاوى والتحقيق فيها والإبلاغ عن أى فساد أو تضارب مصالح أو قصد الإضرار بالصالح العام وتقديمها إلى النائب العام، والأهم إلى الرأى العام، ودولة مثل أمريكا تتعامل مع المظالم من خلال عدد من الهيئات الاتحادية فى كل ولاية تضطلع بمهام مرتبطة بالمظالم. مصطلح «ديوان المظالم» ظهر فى بداية القرن التاسع عشر وبالتحديد فى 1809، حينما أقر الدستور السويدى تعيين ما يسمى «امبودستان» أى أمين للمظالم، يختلف الاسم وتبقى الصفة واحدة، ففى بعض الدول يسمى «مفوض الشعب» وفى بعض آخر يسمى «المظالم» فقط. ويقول معارضو الفكرة إن مؤسسات الدولة مثل البرلمان والوزارات هى المخولة بدراسة مشاكل المواطنين وحلها، لكن التاريخ يقول عكس هذا، من قديم الأزل والعلاقة بين الحاكم والرعية مرتبطة بالمشاكل وحلها، وهو ما بدا جلياً فى العصور الإسلامية، وبدأ قضاء المظالم يأخذ فى التدرج منذ الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، الذى كان يقوم بنفسه بتلك المهمة، فقد كان يجمع ولاته وأمراءه كل عام فى موسم الحج، ويستمع إلى شكاوى الناس، ويقتصُّ من المسىء منهم. «ديوان المظالم» موجود فى أكثر من دولة عربية بالاسم نفسه، أهمها السعودية والأردن، وهى نظم ملكية، ففى الأردن تم تأسيسه عام 2009، وهو مؤسسة وطنية رقابية مستقلة، تتلقى الشكاوى ضد الإدارة العامة أو موظفيها وفق شروط محدّدة -حسب الموقع الرسمى للديوان الأردنى- وتسعى لحلها، وتقوم بمبادرات ذاتية، وتوصى بتبسيط الإجراءات الإدارية، وترفع لمجلس الوزراء تقريراً سنوياً بنتائج أعمالها، أما ديوان المظالم السعودى فتم إنشاؤه فى 2007، وهو الجهة المسئولة عن الفصل فى النزاعات التجارية والأحكام الأجنبية والتحكيمية، ويفصل أيضاً فى أى نزاع تكون جهة الإدارة طرفاً فيه. ويعد جهة مستقلة ترتبط بالملك مباشرة، وهو أعلى جهة حكومية مسئولة عن إصدار أحكام على الجهات الحكومية والإدارية، ويعد رئيس ديوان المظالم برتبة وزير.