حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديوان المظالم .. تجارب التاريخ عندما تغيث المستضعفين
نشر في المصريون يوم 16 - 07 - 2012

ديوان المظالم هيئة أو مؤسسة ظهرت فى أحضان الخلافة الإسلامية منذ عهد الدولة الأموية، واختفى مع التطورات الحديثة فى نظم الحكم، وظهور هيئات أخرى قد تتشابه معه، لكن الرئيس محمد مرسى قرر إعادته بشكله الطبيعى الذى كان عليه منذ قرون، فيتقدم كل صاحب مظلمة أو حاجة إلى الديوان، ومنذ قيامه فى مصر والآلاف يحجون إليه.
ذهبنا إلى حيث يتواجد طوابير أمام ديوان المظالم، وكان لنا معهم هذه اللقاءات:
فى البداية التقينا مجموعة من المزارعين من مركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم متظاهرين أمام قصر الرئاسة؛ لكى يعرضوا مشكلتهم التى تعبوا من كثرة ما ذهبوا هنا وهناك لحلها، وعندما عجزوا عن الوصول لحل وأقفل المسئولون قنوات التواصل معهم، قرروا التظاهر أمام قصر الرئاسة، وللوهلة الأولى عندما تراهم تجد صورة حقيقية للفلاح المصرى بجلبابه ولهجته وسُمرة وجهه وطيبته أيضًا, جاءوا إلى قصر الرئاسة علهم يجدوا حلاً لمشكلتهم التى بدأت منذ عام ونصف تقريباً.. هم على الترتيب فتحى أحمد مهلل (65 سنة), جمعة عبد التواب (35 سنة), عبد الله عبد الرحمن (24 سنة)، محمد رشدى عبد الحليم (57 سنة)، زكى محمد زكى (34 سنة)، يعملون جميعًا مزارعين فى أراضيهم لدى كل منهم ما يقرب من خمسة فدادين ومشكلتهم أن أرضهم أصيبت بالجفاف وأن المياه لا تصل إلى أراضيهم منذ حوالى سنة ونصف، حيث إنه أثناء الثورة حدثت تجاوزات وقام مجموعة من ذوى النفوذ بالزراعة فى مناطق لم تكن مزروعة من قبل فتحولت المياه لأراضيهم، ويضيف أحدهم قائلاً: أصبحت أرضنا بورًا تعانى الجفاف، وذهبنا للجهات المختصة ولا أحد يستمع إلينا فضلاً عن أننا نشترى (جركن المياه) بجنيهين، ونستهلك فى البيت يوميًا ثلاثة جراكن على الأقل أى بما يعادل ستة جنيهات، قولوا لنا كيف نحيا هكذا ونأتى بالأموال والأرض بور ولا تطرح محصولاً؟، كما أن البنك نحن مدينون له ويفرض على المبالغ الأصلية فوائد؟، ونقول إن جهاز الرى يأخذ المياه ويبيعها لمن معه فلوس، ويعطش أرض من ليس معه نقود ليدفع، ونقول لمسئولى هذا البلد نحن الفلاحون من نزرع الأرض قمح وذرة لكى تأكلوا بدلاً من أن تستوردوا، نرجوكم حلوا مشكلتنا ليس من أجلنا فقط إنما من أجل الزراعة فى مصر، ونقول أملنا أن نفتح صنبور المياه فى يوم من الأيام فى بلدنا وتخرج منه مياه.
بشر محمد عبد الودود (35 سنة)، يعمل كترزى، يروى أنه أُصيب فى أحداث مديرية أمن إسكندرية، حيث كان هناك احتكاكات بين الشرطة والمتظاهرين وتمت إصابته فى ذراعه الأيسر, قام بتركيب شريحة وستة مسامير وأثناء ذهابه للمشفى وهو مصاب طلب تحرير محضر بشهادة الشهود لكنهم رفضوا وقالوا له إن قمت بعمل محضر سيتم احتجازك, منذ إجرائه لهذه العملية أصبحت يده عاجزة عن العمل وهو أب ويعول زوجته، والسؤال كيف يصرف عليهم وقد أصبح عاجزًا عن العمل ويحتاج لعملية نقل أوتار ومط عصبى؟، ويضيف بشر أنه ذهب أمس إلى ديوان المظالم وقدم شكوى وقالوا له تعالى بعد أسبوع وسنعطيك الإفادة، وبعد ذلك كلمهم فى التليفون فقالوا له تعالى بعد أسبوعين، فاضطر أن يأتى إلى هنا إلى قصر الرئاسة ليعرض شكواه.
يوسف نصر حافظ (52 سنة)، يعمل كسائق، ويعول أسرة مكونة من ستة أفراد، يقول إنه كان يتلقى مساعدة شهرية من الشئون الاجتماعية؛ لأنه يعانى من وجود جلطة فى قدمه اليمنى، وفجأة توقف المعاش، ويضيف عم يوسف قائلاً: مشكلتى تبدو للكثير بسيطة لكن بالنسبة لى مستقبل أسرتى وأولادى، حيث إنهم فى مراحل التعليم المختلفة ويحتاجون إلى مصاريف لاستكمال دراستهم، وأنا رجل عاجز لا أستطيع ان أعمل، كل ما أريده استعادة المعاش كى أواصل الإنفاق على أسرتى.
* الدكتور سعيد اللاوندى: يؤدى إلى تواصل كان مفقودًا فى النظام السياسى السابق
يقول الدكتور سعيد اللاوندى، الخبير السياسى المعروف، إن ديوان المظالم أحد القنوات للتواصل بين الحاكم والمحكوم، فالرئيس مرسى جاء بهذه الفكرة ليؤكد أنه من هذا الشعب، وهذ الديوان فى رأيى يؤدى إلى تواصل كان مفقودًا فى النظام السياسى السابق، فالمخلوع كان يحيط نفسه بمجموعة من رجال الأعمال والمستشارين فالشعب لم يكن يجد نفسه على مائدة رئيس الجمهورية، ودكتور مرسى يحاول تفادى خطايا النظام السابق حيث إن ذلك النظام السابق كان نظامًا سياسيًا أنانيًا لا يفكر سوى فى ذاته وصالحه مثلما عندما غرقت العبارة السلام ومات على متنها خيرة أبناء مصر، وكان حسنى فى اليوم التالى ضاحكًا فكانت مصر فى مأتم كبير وهو يضحك غير مبالٍ بأوجاع الناس، لذلك ضرورى عدم انغلاق النظام الإدارى على ذاته، فالناس تريد من يشعر بأوجاعهم لذلك تجد الناس مازالت محتفظة بصور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر؛ لأنه كان موجودًا بين الناس وكان يرفع شعار العدالة الاجتماعية على الرغم من أن عبد الناصر كان ضحية المحيطين به الذين لم ينقلوا له الصورة كما هى.
* الدكتورة باكينام الشرقاوى: همزة وصل حقيقية بين المواطن العادى والدولة لفك مركزية الرئيس كشخص
وتقول الدكتورة باكينام الشرقاوى، أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة، إن فكرة ديوان المظالم خطوة إيجابية تحتاج إلى مزيد من تحديد معايير العمل وقياس الإنجاز وطرق المتابعة؛ حتى يكون همزة وصل حقيقية بين المواطن العادى والدولة، ولفك مركزية الرئيس كشخص لاعتباره يتفضل ويحل مشاكل الناس، فوجود مؤسسة تتلقى شكاوى المواطنين وتحل المشاكل بحزم أمر ضرورى، ولابد أن يكون فى كل محافظة مكاتب تحل مشاكل المواطنين وليست مجرد هياكل إدارية شكلية لا تقوم بأى دور، فإعطاء السلطات لها ومراقبتها ستضمن نجاح التجربة أما إذا تركت هكذا لن تؤدى الهدف المطلوب منها، ولابد من وجود آلية لعمل الشكاوى بمعنى أن يعرف المواطن إذا كانت ستحل أم لا؛ لأنه قد تُقدم شكاوى غير منطقية أو غير مشروعة وبالتالى لابد من وضع آليات ووجود مصارحة.
* محمد فايد: ضرورة تنظيم هذا الجهاز وإعطائه سلطات واسعة لتحقيق أهدافه
ويقول محمد فايد، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن ديوان المظالم لابد أن يُقام على الأسس المتعارف عليها دوليًا؛ لأنه ليس هيئة تتعطف على الناس وتعطيهم ما ليس من حقهم إنما هى تطبيق للقانون بمعنى أى مشاكل تتعلق للمواطن مع أجهزة الدولة الإدارية، لذلك لابد من تنظيم ذلك الجهاز والقيام بالتحقيقات المطلوبة، وأن تكون إرادة الدولة فى إنصاف المواطنين موجودة لأن الإرادة السياسية فى هذا الموضوع ضرورية جدًا؛ لأنها المحرك الأساسى لعملية حل مشاكل الناس من خلال إعطاء الصلاحيات والسلطات للديوان، وديوان المظالم موجود فى أوروبا يسمى (أمبو دسمان) وهو جهاز له سلطات واسعة، وأحد الوسائل الأساسية فى التحول الديمقراطى؛ لأنها تنظر فى الشكاوى والانتهاكات التى تقابل المواطن سواء هذه الانتهاكات إدارية أو مالية أو متعلقة بحقوق الإنسان، حيث يوجد هناك فصل بين اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والجهاز الإدارى الذى يقوم بحل مشكلات المواطنين، وشدد على ضرورة وجود الإرادة السياسية لإنصاف الناس وحل مشكلاتهم وليس مجرد مكاتب.
* أمجد فتحى: نريد من ديوان المظالم ألا يتحول إلى مجرد عملية تفريغ وجدانى لمشاعر الناس
أكد أمجد فتحى، المدير التنفيذى للمؤسسة الإفريقية للتربية المدنية لحقوق الإنسان أن ديوان المظالم فكرة حميدة ولكن توجد أجهزة فى الدولة من المفترض أنها تتلقى شكاوى المواطنين مثل المجلس القومى لحقوق الإنسان ومجلس حقوق المرأة فكان لابد أيضاً من تقوية هذة الأجهزة وجعلها تترابط مباشرة مع رئيس الجمهورية وإعطاء هذه المجالس سلطات أكبر حتى يمكنها ممارسة عملها لكى تتمكن من حل مشاكل المواطنين وهناك ملاحظة عما يُقدم من مشاكل من قبل المواطنين، فكثير منها تتعلق بالأمن القومى للبلاد، لأن بها مشاكل قومية كبرى مثل: البطالة، العلاج على نفقة الدولة، الإسكان كل هذه المشاكل لا تخص مواطنا أو فردا واحدا إنما تخص الدولة المصرية بأكملها، لذلك لابد أن نكون صرحاء مع أنفسنا ومع المواطن ولا نريد من ديوان المظالم ألا يتحول إلى مجرد عملية تفريغ وجدانى لمشاعر الناس يقدموا فيه مشكلاتهم ولا يتم حلها فيكون رد الفعل بعد ذلك أعنف نريد حلولاً جذرية وحقيقية وأن يكون هناك أمانة فنية ومجموعة من القضاة والمستشارين وتمثيل لكل فئات المجتمع حتى يصبح ديوان المظالم نقلة فى مصر ويحقق الهدف المرجو منه.
* تاريخ ديوان المظالم فى العصر الإسلامى:
فكرة ديوان المظالم ليست جديدة فهى ممتدة إلى العصر الإسلامى القديم منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ربما لم يكن فى الصورة الجلية التى ظهر بها فى العصر الأموى، لكن الفكرة بدأت فى عهد النبى المصطفى حين قُتل لخالد بن الوليد رجال من قبيلة جذيمة بعد أن أعلنوا خضوعهم، فأرسل المصطفى على بن أبى طالب لدفع الدية عنهم وهنا كانت البداية لكن الصورة المتكاملة لديوان المظالم تجلت فى العصر الأموى لأنه لم يكن هناك أيام الرسول ما يستدعى من أمور لقيام ولاية للمظالم، وفى عصر الخلفاء الراشدين وبالتحديد فى عهد عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) كان يجمع الأمراء والولاة كل عام فى موسم الحج ويستمع لشكاوى الناس، ولا أحد منا ينسى الرواية الشهيرة التى رواها أنس بن مالك حين جاء لعمر رجل من أهل مصر وقال له: يا أمير المؤمنين عائذ بك من الظلم قال: عذت معاذاً قال: سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته فجعل يضربنى بالسوط ويقول: أنا ابن الأكرمين، فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم ويقدم ابنه معه فقدم وقال عمر: أين المصرى، خذ السوط فاضرب، فجعل يضربه بالسوط ويقول عمر: اضرب ابن الأكرمين، قال أنس: فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه، ثم قال عمر للمصرى ضع السوط على صلعة عمرو قال: يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذى ضربنى وقد استقدت منه فقال عمر لعمرو: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا، قال يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتنى، هنا ضرب الفاروق عمر بن الخطاب مثلاً يحُكى عنه على مر العصور ليُسطِر نموذجاً فريداً لولاية العدل التى تتمناها ولا تراها عند أمم أخرى فتحسب أنه طالما الحاكم يستمع إلى مظالم شعبه بعين العادل الذى يقيم دولة العدل على جموع الناس حتى لو كان الظالم ابن عمرو بن العاص (والى مصر آنذاك)، فتدرك أن الفاروق قد أقر مبدأ المحاسبة للولاة والنظر فى شكاوى المظلومين من عامة الشعب ولم يترك للولاة الذين يتولون أمر الناس إساءة استعمال النفوذ كما يحدث فى زماننا.
مفهوم ديوان المظالم فى العصر الإسلامى القديم
هيئة شبه قضائية الهدف منها حسم المنازعات التى يعجز القضاء عن نظرها وكذلك بسط القانون على الولاة ورجال الدولة، فى بادئ الأمر كان الخليفة يتولى بنفسه نظر المظالم ثم عهد إلى موظف خاص يُسمى ناظر المظالم ولم يأخذ الديوان الشكل المنوط به والمعروف إلا فى العصر الأموى وكان الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان من أوائل وأشهر من جلس لهذه الولاية.
وتتطلب ولاية المظالم علما بالأحكام الشرعية فلا يجوز أن يُفتى بغيرعلم فلا بد أن يكون فقيهاً عالماً من يتولى أمر هذه الولاية وتوسع المفهوم فى عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز ولكن لم تصل فكرة الديوان إلى مرحلة النضوج إلا فى العصر العباسى فى القرن الخامس الهجرى، فأصبح للمظالم ديوان مستقل (وزارة)، وكانت أهم وظائفه النظر فى الشكاوى والتى يكون فيها الرعية مظلومين من قبل الولاة اللذين يتولون أمرهم ويحكمونهم وكذلك رد الأموال التى يغتصبها الحكام بموجب السلطات التى تُخول لهم (ما يُسمى الآن فى عصرنا استغلال النفوذ)، والنظر فى شكاوى الموظفين فيما يتعلق بأجورهم والإشراف على تنفيذ الأحكام التى يعجز القضاء عن تنفيذها وكان من حق الرعية أن تتظلم من الخليفة نفسه.
ديوان المظالم فى الأردن
مؤسسة رقابية وطنية مستقلة تتلقى الشكاوى ضد الإدارة العامة وموظفيها وتعمل على حلها وترفع لمجلس الوزراء تقريراً سنوياً بنتائج أعمالها، قد أُسس ديوان المظالم فى الأردن عام 2008 بهدف تحقيق العدالة والشفافية فى ممارسات الإدارة العامة باعتباره جهازاً رقابياً (يتولى رئاسة الديوان الحالى عبد الإله الكردى)، كما تهدف إلى التحقيق فى الشكاوى التى تقدم من قبل المواطنين ضد الموظفين المخالفين والمستغلين لنفوذهم وسلطاتهم لكى تكون أداة حازمة وحاسمة لنصرة المظلومين من أبناء الشعب.
والجدير بالذكر أن هذا الديوان قد تعرض فى الأردن لانتقادات واسعة لأنه كما يرى بعض المحللين: لم يقم بالدور المنوط به.
* ديوان المظالم فى المملكة العربية السعودية
هيئة قضاء إدارى مستقلة مرتبطة مباشرة بالملك ويتمتع القضاة بالضمانان المنصوص عليها فى نظام القضاء ويلتزمون بالواجبات المنصوص عليها فيه.
ويتألف الديوان من رئيس بمرتبة وزير ونائب رئيس أو أكثر وعدد كافٍ من القضاة ويلحق به عدد كاف من الباحثين والإداريين والفنيين ويتكون ديوان المظالم من المحكمة الإدارية العليا ومحاكم الاستئناف الإدارية والمحاكم الإدارية ليتضح لنا أن ديوان المظالم السعودى هى وزارة العدل عندنا، فهى تفصل فى المنازعات بين الناس، فالمسمى مختلف لكن الاختصاصات واحدة لذلك هذا الديوان يختلف مع الطرح الذى نقصده بالمعنى الرقابى.
* الأمبودسمان (ديوان المظالم) وحقوق الإنسان فى أوروبا
الأمبودسمان، كلمة معروفة عند العاملين بحقوق الإنسان وهى تعنى مفوض الشعب أو ديوان المظالم وهو ديوان يتلقى شكاوى المواطنين ليتعامل معها مباشرة بسلطة مخولة من قائد الدولة.
وقد ظهرت الكلمة لأول مرة فى السويد عام 1809 عندما تضمن الدستور قراراً بتعيين أمبودسمان فى السويد التى كانت أول دولة أوروبية يُنشأ فيها هذا النظام ثم انتشرت بعد ذلك الفكرة فى دول أوروبا، وأصبح لكل دولة أمبودسمان، واختصاصات الأمبودسمان ليس فقط مجرد تلقى شكاوى المواطنين وحلها، إنما تصحيح الأوضاع التى تتنافى مع حقوق الإنسان وكذلك اقتراح تعديل قوانين قائمة والسعى لإصدار قوانين جديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.