خلف لحاهم التى تدلت على صدورهم سار الأربعة يبحثون عن ضالتهم فى شارع الصنادقية بمنطقة الحسين، إلى أن لمحوه فارتسمت ابتسامة واسعة على شفاههم، لأن المحل الذى «لفوا» عليه المنطقة يتصدره بوستر عملاق ل«أبوإسماعيل رئيساً»، وهو ما أوحى لهم بأن مهمتهم «مقضية» بإذن الله.. وأمام المحل اختفى ترددهم بعدما تأكدوا أن المحل يبيع لعب الأطفال و«النبلة». «السلام عليكم».. قالها الأربعة فى صوت واحد فرد أبوهند «صاحب المحل» سلامهم.. «كنا عاوزين 4 دست نبل يا حاج وكيسين بلى».. فوجئ أبوهند بالطلب وراوده الشك فى غرض أصحابه، فلا هيئتهم تدل على أنهم من هواة رمى البلى ولا الصيد، ولا ما حدث فى العباسية يسمح له بأن يبيع «لعبة أطفال» فتستخدم كسلاح. حيلة بسيطة أنهى بها أبوهند حيرته، إذ أقنع زبائنه الأربعة بحبه لأبوإسماعيل واستدل على هذا بتعليق بوستره العملاق على باب المحل، فارتاح الأربعة لأبوهند واعتبروه «واحداً منهم» وصارحوه: «إحنا مش عاوزينها للصيد يا حاج.. إحنا هنجاهد بيها». أفزعه كلامهم فتساءل: «تجاهدوا مين.. انتوا هتطلعوا بيها فلسطين؟».. وجاءه الرد الذى لم يتمن سماعه: «لا يا حاج.. إحنا هنجاهد بيها زى ما جاهدنا فى العباسية» التوتر الداخلى الذى اجتاح أبوهند قرر أن ينهيه بأن يكون إيجابياً. شغلهم قليلاً فى مشاهدة بضاعته وطلب من أحد جيرانه إبلاغ الشرطة التى سارعت بضبطهم متلبسين بتهمة «حيازة النبل والبلى». الواقعة أصبحت حديث منطقة الحسين. ومنذ انتشارها والتحذيرات تلاحق أبوهند: «خد بالك دول ممكن ييجوا ينتقموا منك، ومش بعيد يعملوا اعتصام ضدك، إذا كان عملوها مع الجيش ولجنة الانتخابات مش هيعملوها معاك».. التحذير وضعه أبوهند فى حسبانه، لذا قرر وكل تجار النبل والبلى فى المنطقة الحرص تجاه الزبائن، وأوغل فى حرصه بأن رفض التصوير خوفاً من انتقام أنصار أبوإسماعيل. وشاركه تجار النبل بالحى خوفه، ومنعوا بيع النبل والبلى إلا لزبائنهم المعروفين، لأن محالهم فى الأساس مخصصة لبيع الجملة: «النبلة ما بيشتريهاش غير بقالين الأرياف للعيال فى الغيط يصطادوا بيها.. يعنى لعبة». أبوهند قرر أيضاً أن ينزع بوستر أبوإسماعيل من حائط المحل: «كنت متعاطف معاه حتى بعد ما طلع كداب، وكنت بقول يمكن مظلوم، بس اللى حصل خلانى أصدق اللى بيتقال». اللواء نبيل فؤاد الخبير الاستراتيجى مندهش من عودة النبل وتدريب المتظاهرين على حمله: «ده شغل عيال. إحنا مش فى إسرائيل. النبلة دى سلاح الحجارة للفلسطينيين، والجيش مش إسرائيل، وزى ما سلاحهم كان لعبة هما برضه فاكرين وقوفهم ضد المجلس بالشكل ده لعبة، ومش ناقص غير النبوت كمان والفتوات.. وبكده نرجع مليون سنة لورا».