جون ماكين مبعوث أوباما إلى مصر وأحد كبار الصهاينة الذين لُطّخت أيديهم بدماء المسلمين، ورئيس إحدى المنظمات الأجنبية المتهمة بالتجسس على مصر، هذا الرجل حين اتهم الإخوان فى قضية «التمويل الأجنبى» وصفته الجماعة ب«الصهيونى الكاذب بامتياز»، وأنه «من أبرز المؤيدين للغزو الأمريكى على العراق». «ماكين» هذا بشحمه ولحمه وفكره وعقيدته وانتمائه وصهيونيته الحادة هو الذى احتفل به الإخوان خلال زيارته خيرت الشاطر بالمقطم فى فبراير 2012، كما أعادوا الاحتفال به وبتصريحاته هذه الأيام حين اعتبر ما حدث فى مصر «انقلاب» على شرعية «مرسى». هذا الصهيونى لما زار «الشاطر» خرج منشرحاً من اللقاء بعد التوافق فى وجهات النظر. يومها كتب الأستاذ فهمى هويدى مقالا فى «الشروق» بتاريخ 29 فبراير 2012 عنوانه: «فى الوفاق المذموم»، فكرته أن جون ماكين بتطرُّفه المعهود ليس صهيونياً عادياً، ولكنه صهيونى «أصولى» معادٍ بشدة للمشروع الإخوانى، وحين يأتى رأى هذا الصهيونى متوافقاً مع رأى الإخوان، فإننا أمام احتمالين: إما أن الرجل تنازل عن صهيونيته من أجل المشروع الإسلامى، وهذا مستحيل، ويبقى الاحتمال الثانى: وهو أن المشروع الإخوانى لم يكن معادياً للمشروع الإسرائيلى من بعيد أو قريب، لأن «ماكين» إذا قال كلاماً فإنه يعرف تماماً أنه يخدم به المشروع الصهيونى، وقد قال إن ما حدث «انقلاب»، فبمنطق «هويدى» فإن القول بأن ما حدث «انقلاب» قول يتوافق تماماً من قائله مع خدمة المشروع الصهيونى قصد أو لم يقصد. وقد كتب صديق ساخراً: «إن ماكين غاضب من (الانقلاب) لأنه حريص على تطبيق شرع الله ومحاربة العلمانية وتحرير القدس»، وإليكم بعض كلمات «هويدى» فى مقاله القديم لتعرف دلالة كلمة «ماكين وليندسى جراهام». يقول الأستاذ «هويدى»: «ليس كل توافق مفرحاً بالضرورة، لكنه قد يكون مفزعاً أو مفجعاً، فحين نعرف أن جون ماكين زار خيرت الشاطر، وأن الأول خرج منشرحاً بعد التوافق فى وجهات النظر، فذلك ينبغى أن يحيرنا ويزعجنا، لأننا نفترض أن الرجلين على طرفى نقيض، وحين ينتهيان من الجلوس سوياً فنتوقع أن يخرج أحدهما مكفهر الوجه والثانى مقطب الجبين، أما إذا خرج أحدهما مبتسماً والآخر ليس فى قسمات وجهه ما يدل على الانشراح، فسنفهم أن الأول حقق ما أراده، والثانى خرج مكسور الجناح، (ولا يخطر على بالك أن ماكين هو الذى خرج مكسور الجناح). إنه حين يكون ماكين هو الزائر (للإخوان) فإنه بتطرّفه المعهود لن يكون صهيونياً عادياً، ولكنه صهيونى (أصولى) أقرب إلى المستوطنين، وحين يجتمع هذا الرجل مع قيادى من (الإخوان) التى اشترك أعضاؤها فى حرب فلسطين، فالمتوقع أن يشتبكا مع بعضهما إن لم يتضاربا، ثم ينتقل الاثنان إلى أقرب مستشفى لتضميد جراحهما، أما أن يخرجا مبتهجين ومبتسمين فذلك أمر يبدو غريباً لأول وهلة، وإذا أحسنّا الظن فسنقول إن كلاً منهما كذب على الآخر، علما بأن ماكين ليس مضطرا إلى الكذب. مثل هذا التوافق المذموم تكرّر فى تونس التى زارها (ماكين) فى 23/2 واستقبله رئيس الحكومة حمادى الجبالى أمين حزب (النهضة)، واحتضنه بحرارة، وحين ظهرت الصورة على شاشات التليفزيون فإن صحف المعارضة انتقدت (الجبالى)، إذ استغربت واستنكرت حرارة اللقاء بين القيادى الإسلامى والسيناتور الأمريكى المعروف بانحيازه الشديد للصهيونية وعدائه المشهود للعرب، لذا فإننا لا نستطيع أن نرحب بأى وفاق قبل أن نعرف: مع من بالضبط؟ وفى أى موضوع؟، ذلك أنه فى بعض الأحوال قد يكون الفراق والشقاق أشرف وأسلم». أ. ه.