كشف المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، عن أن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى البحيرة، كانت قد أصدرت حكما عام 2015 يطالب المشرع بتجريم الإفتاء من غير دار الإفتاء المصرية. وأشار إلى أنه نظرا لما ترتب على بعض الفتاوى من اَثار خطيرة على المجتمع مثل فتوى نكاح الزوجة الميتة وجواز معاشرة البهائم، فقد أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى البحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، حكماً قضائيا بتأييد قرار وزير الأوقاف في ضم 67 زاوية بقرى محافظة البحيرة لإشراف وزارة الأوقاف في الدعوى رقم 2940 لسنة 11 ق بجلسة 26 يناير 2015، ورد به نصا خطورة الإفتاء من غير أهله، وناشدت فيه المحكمة المشرع منذ ذلك التاريخ بأن يجرم فعل الإفتاء من غير دار الإفتاء المصرية. وقالت المحكمة في حكمها التاريخي "إنه نتيجة لإقدام غير المتخصصين من أهل العلم على إصدار الفتاوى غير المسندة وما ترتبه من اَثار خطيرة سيئة على الأجيال الحالية واللاحقة لما تتضمنه من الإخبار عن حكم الله في مسألة ما، فلا ترقى إلى مستوى الاجتهاد وتوصم بالدعوة إلى الضلال والظلام بما يصيب المجتمع من خلل وتفكك واضطراب وفوضى لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى ووقى الله البلاد من أخطار شرورها، فإنه يتعين قصر الإفتاء على دار الإفتاء المصرية". وأضافت المحكمة أن شروط الإفتاء ليست بالأمر اليسير في الفقه الإسلامي حتى يمارسه العوام وإنما هو أمر بالغ الصعوبة والدقة يستفرغ فيه المجتهد وسعه لتحصيل حكم شرعي يقتدر به على استخراج الأحكام الشرعية من ماَخذها واستنباطها من أدلتها على نحو يشترط في المجتهد شروطاً للصحة، أهمها أن يكون عارفا بكتاب الله ومعانى الآيات والعلم بمفرداتها وفهم قواعد اللغة العربية وكيفية دلالة الألفاظ وحكم خواص اللفظ من عموم وخصوص وحقيقة ومجاز واطلاق ومعرفة أصول الفقه كالعام والخاص والمطلق والمقيد والنص والظاهر والمجمل والمبين والمنطوق والمفهوم والمحكم والمتشابه، وهى مسائل دقيقة للغاية تغم على عموم الناس من أدعياء الدين وطالبي الشهرة ومثيري الفتنة والدين منهم براء، وهى في الحق تستلزم التأهيل في علوم الدين". وناشدت المحكمة، المشرع بقولها "بحكم ما وسده الدستور والقانون يتعين مناشدة المشرع بضرورة تجريم الإفتاء من غير أهله المتخصصين بدار الإفتاء التي تخاطب كل مسلم في العالم وليس مصر فحسب". كما ناشدت المحكمة المشرع، بتجريم استخدام منابر المساجد والزوايا، لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية أو للدعاية الانتخابية حتى ولو كان مرخصا له بالخطابة، وهو الأمر الذى خلا منه قرار رئيس الجمهورية المؤقت رقم 51 لسنة 2014 بشأن ممارسة الخطابة و الدروس الدينية في المساجد وما في حكمها، لأن استخدام الخطيب للمنبر في غير أهداف الخطابة والانحراف بها في أتون السياسة سعيا لتأييد طرف ضد آخر، يجعله قد خالف شروطها، والقاعدة الفقهية تقرر أن المسلمين عند شروطهم، خاصة في ظل الظروف العاتية التي تواجه العالم لمحاربة الإرهاب ودعاة الفكر الشيطاني التكفيري، وتبذل فيه مصر وحدها بحكم ريادتها للعالم الإسلامي غاية جهدها لمواجهة هذا الإرهاب للحفاظ على كيان المجتمع واستقراره ورعاية المصالح العليا للأمة.