"ثورة يناير أسفرت عن تغييرات حذرية لا رجعة فيها"، قالها بكل حسم، وزير الخارجية المصرى محمد كامل عمرو، مؤكدا أنها عززت قدرة مصر على الاضطلاع بدورها التاريخي على صعيد السياسة الخارجية، بما فى ذلك دورها فى حركة عدم الانحياز، التي تشرف مصر برئاستها منذ يوليو عام 2009. وخلال كلمته التى ألقاها في افتتاح مؤتمر حركة عدم الانحياز، اليوم، أوضح عمرو أن اجتماع ممثلي 120 دولة في شرم الشيخ ما هو إلا مراجعة لما حققناه من إنجازات، وما نواجهه من تحديات منذ قمة الحركة في شرم الشيخ التى عقدت فى يوليو 2009، خصوصا مع ما يردده البعض من تشكيك في مبررات استمرار حركة عدم الانحياز بعد انتهاء الحرب الباردة، إلا أن احتفالية الذكري الخمسين لتأسيس حركة عدم الانحياز التي عقدت في "بالي" بإندونيسيا في مايو الماضي، أعادت إلي أذهاننا جميعاً أن إنشاء الحركة، على يد قادتها التاريخيين، قد غير إلي حد كبير من بنية النظام الدولي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وأعاد التوازن إلي موازين القوى العالمية، كما أكدت السنوات الأخيرة. عمرو، شدد على أن الحركة ما زالت لاعبا دولياً مؤثراً في المحافل الدولية، وخاصة في الأممالمتحدة، مدللا على ذلك، بزيادة أعضائها باضطراد حتى وصل إلي 120 دولة يجمع بينها العديد من الرؤى المتماثلة في التعامل مع التحديات المشتركة. وتابع عمرو قائلا "سعت مصر، خلال رئاستها للحركة في السنوات الثلاث الماضية، إلي تنسيق وتفعيل ذلك الدور وتحويل تلك الرؤى إلي واقع عملي، وهو ما عكسته أنشطة الحركة علي النحو الذي يتم استعراضه في تقرير الإنجاز المقدم إلي الاجتماع الوزاري اليوم. وزير الخارجية، قال فى كلمته إنه منذ تأسيس حركة عدم الانحياز، فإنها عملت باستمرا على دعم ومساندة حق الشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله التاريخي لاستعادة وممارسة كافة حقوقه غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقه الأصيل في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، ومن هنا شدد كامل، على أهمية استمرار دعم الحركة لجهود الاعتراف بالدولة الفلسطينية علي حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، حيث وصل عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين إلي 134 دولة، من بينها 12 دولة اعترفت بها خلال السنوات التى رأست مصر الحركة. وبالنسبة لقضايا حفظ السلام والاستقرار، قال عمرو "البعض يرى أن زيادة عمليات حفظ السلام في الأممالمتحدة هو دليل علي نجاح المنظمة في القيام بدورها في حفظ السلم والأمن الدوليين، إلا أن تزايد عمليات حفظ السلام يدل من ناحية أخري علي ضعف قدرة المنظمة على تسوية المنازعات سلميا، وعلي نحو أدي لزيادة مضطردة في ميزانية عمليات حفظ السلام لتتجاوز 8 بليون دولار في العام الواحد، بينما لا تتجاوز الميزانية العادية للمنظمة بليونى دولار في العام، لذا فمن غير المنطقى مع وجود هذه الميزانية لحفظ السلام ألا تحصل قوات الأممالمتحدة المشكلة من أبناء دولنا النامية علي ما تستحقه من اهتمام، رغم مشاركة أبنائها وبناتها في تحقيق السلام والاستقرار في مناطق مختلفة من العالم، خصوصا وأن قضايا السلم والأمن الدوليين فى دول المنظمة تحتل ما يقرب من 70% من أعمال مجلس الأمن. ودعا كامل إلى ضرورة تضافر الجهود وتكثيف التعاون فيما بين الحركة داخل الأطر الدولية متعددة الأطراف، خاصة في المحافل والمؤتمرات ذات الأهمية الخاصة، وعلي رأسها مؤتمر ريو20 حول التنمية المستدامة الشهر المقبل، كما دعا إلى بناء الدور المحوري الذي اضطلعت به الحركة في إنشاء عدد من الأجهزة الهامة في إطار الأممالمتحدة كمجلس حقوق الإنسان ولجنة بناء السلام، ومؤخراً جهاز الأممالمتحدة للمرأة، بما يعكس اهتمامنا جميعاً بدعم قضايا المرأة والشباب علي نحو يعزز من قدرة أجيالنا القادمة علي تحقيق طموحاتها، من خلال الاهتمام بالتعليم والتدريب والتشغيل وتعزيز مشاركتهم في الحياة السياسية. عمرو، تمنى أن يحظي الطلب الفلسطيني للانضمام كعضو كامل إلي منظمة الأممالمتحدة برعاية الدول الأعضاء والمراقبين في الحركة، سواء في الجمعية العامة أو في مجلس الأمن، ودعا باقي الدول التي لم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية للقيام بذلك دعماً لمساعي تحقيق سلام عادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط علي أساس المقررات الدولية ذات الصلة فى هذا الشأن. وشدد عمرو علي المسئولية الخاصة لمجلس الأمن والرباعية الدولية في هذه المرحلة التاريخية من خلال الدفع نحو استئناف المفاوضات المباشرة، وتحديد إطار زمني واضح لانتهائها وإعلان إقامة الدولة الفلسطينية، مع اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بالوقف الفوري لسياسة الاستيطان غير الشرعية التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية سعياً لتغيير الوضع علي الأرض علي نحو يتناقض مع الاسس الرئيسية لعملية السلام.