لا تبدو أحوال المسيحيين مطمئنة في مدينة الموصل العراقية، 400 كم شمال بغداد، على الرغم من الاحتياطات الأمنية التي تتخذها السلطات العراقية لإشاعة الأمن والاستقرار في هذه المدينة التي تشهد أعمال عنف بوتيرة مرعبة بشكل شبه يومي. وقال اللواء أحمد محمد الجبوري -مدير عام شرطة الموصل- إن "مسلسل استهداف المسيحيين في المدينة لا يزال مستمرا ليضاف إلى مسلسل العنف اليومي الذي تشهده على الرغم من الإجراءات الأمنية المتخذة التي تشتمل نشر كافة الصنوف الأمنية، إضافة إلى الجهد الاستخباري الخاص". وأضاف أن "قيادة العمليات سجلت للفترة من عام 2005 ولغاية 2011 اغتيال نحو 69 مواطنا مسيحيا معظمهم من الشباب وطلاب المعاهد والجامعات ورجال الدين والنساء الموظفات وربات البيوت وفي عام 2012 اغتال مسلحون مترجلون رجلا مسيحيا وزوجته وأصيب طفل بعمر أربع سنوات بجروح وهذا كان آخر استهداف مسلح ضد المسيحيين في مطلع شهر مارس الماضي". ويعيش في مدينة الموصل نحو 750 ألف مسيحي يمثل الكلدان 70 بالمئة منهم فيما يشكل السريان الأرثوذكس والكاثوليك والآشوريين النسبة المتبقية، لكن هذا الرقم بدأ بالتناقص بسبب تصاعد أعمال العنف في البلاد بعد عام 2003. وقال خضير سعيد مدير الهجرة والمهجرين في الموصل إن "نحو 5000 عائلة مسيحية هاجرت من مدينة الموصل باتجاه سهل نينوي وتحديدا قضاء الحمدانية والقوش وقرقوش، واستقرت رافضة العودة إلى مدينة الموصل من جديد بسبب الواقع الأمني"، مضيفا "نعمل على تحقيق حياة هادئة للمسيحيين". وقالت مها قريقوز رئيسة جمعية الأمل لحقوق المسيحيين في ناحية برطلة شرقي الموصل: "هناك قلق من استمرار هروب العائلات المسيحية من الموصل وأن الإعلام لا يزال غائبا بشأن الجرائم التي تحدث يوميا في الموصل". وأضافت "لا يزال استهداف المسيحيين متواصلا ومطلوب من القوات الأمنية احتواء الموضوع ومجابهة الأوضاع". فيما قال القس توما وعد -54عاما- إن "المسيحيين هم أصحاب الأرض وهم أناس أصلاء وليس لديهم أية مشاكل مع العرب أو الكرد وليس لديهم طموح أكبر من الحصول على الأمان، وأن ينالوا حقوقهم حالهم حال أي عراقي". وأضاف "الحكومة المحلية في الموصل تتحمل مسؤولية ما يجري للمسيحيين ولابد من إبعادنا عن التجاذبات والصراعات التي تشهدها المدينة بين المكونات السياسية". وذكر "نحن المسيحيين كنا دوما نسعى إلى حلحلة المشاكل الكبيرة العالقة بين الساسة الكرد والعرب والشيعة وما زلنا لهذا اليوم نحاول حل المشاكل وإرضاء جميع الأطراف لكن ليس هناك من يدافع ويهتم بمصالحنا الخاصة". وأوضحت أم ايشوا 50 عاما من سكان منطقة القوش "لقد نزحنا من الموصل بعد اغتيال ابني الطبيب في حي المصارف شرقي الموصل بالقرب من عيادته عام 2006". وقالت: "لم أعد أفكر بالرجوع إلى مدينة الموصل إطلاقا بعد اغتيال ابني فضلا عن أن الوضع الأمني غير مستقر".