يقول القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى، إنه لا يريد أن يكون رئيساً، لكنه يبدى حتى الآن مهارة سياسية كبيرة. وسّع «السيسى» منذ تدخله فى الثالث من يوليو شبكة الاتصالات التى أقامها بعد تعيينه العام الماضى، فقد التقى بالجميع من كبار رجال الدين إلى الكتاب والنشطاء الشبان خلال الأزمة التى أعقبت سقوط «مرسى»، وفى الوقت نفسه يوازن بدقة العلاقات الخارجية الحساسة مع الولاياتالمتحدة وأوروبا والحلفاء العرب. علاقته الوثيقة بالدكتور محمد البرادعى نائب الرئيس للعلاقات الدولية، قد تكون هى العلاقة التى ستشكل نتيجة الأزمة الراهنة مع جماعة الإخوان ومستقبل مصر السياسى. قال ضابط فى الجيش: «الفريق أول السيسى يقابل البرادعى بانتظام ويتصل به من وقت لآخر ويستأنس برأيه». وقد أبدى «السيسى» أنه صاحب عقل سياسى منذ عينه «مرسى» وزيراً للدفاع وقائداً عاماً العام الماضى. وكان من بين خطواته الأولى تحديث إدارة الشئون المعنوية التى تساعده الآن فى كسب قلوب وعقول المصريين. ومنذ الإطاحة ب«مرسى» تكشف تصريحاته عن أنه يتابع الحياة السياسية المصرية متابعة دقيقة كأى مواطن آخر، كما تكشف عن شكوك عميقة فى الإخوان. قد يؤثر عداء «السيسى» للإخوان على جهود حث الجماعة على ترك الشوارع والعودة للسياسة، ولكن يبدو أن العلاقة مع «البرادعى» أوجدت عنصر اعتدال فى نهج قائد الجيش. وقال مصدر أمنى: «كان الجيش راغباً فى إنهاء الاعتصامات سريعاً وبأى طريقة، لكنه اضطر للانتظار بعد أن شعر بأن التفجر المتوقع للعنف سيسبب رد فعل قوياً من الغرب أو يؤدى إلى استقالة بعض أعضاء الحكومة، بينهم البرادعى نفسه». وقال مصدر سياسى قريب من «البرادعى»، إنه مستاء من حملة عنيفة على جماعة الإخوان، وإنه يعمل مع «السيسى» عن قرب لإنهائها. وقال ضابط فى الجيش، قريب من «السيسى»، فى إشارة إلى أن نفوذ نائب الرئيس قد يستمر إن اتجه قائد الجيش إلى «البرادعى»، لأنه يراه «رجلاً مهذباً أميناً صاحب خبرة دولية. هذا ما نحتاج إليه فى هذه الفترة. هذا هو نوع الناس الذين تحتاج إليهم مصر». وقال الضابط إن «السيسى» من اللحظة التى عينه فيها «مرسى»، رأى أن يكون الجيش مؤسسة وطنية مستقلة تحتاج إلى أن يكون لها دور فى سياسة مصر، وأضاف: «وهذا لا يعنى العودة إلى السلطة، لكن يمكن أن يكون حاجة للمعاونة فى مراحل معينة صعبة». وبسعيه فى وقت مبكر إلى التوافق، حاول «السيسى» تجنب الأخطاء التى وقع فيها القادة السابقون للجيش الذين تولوا الفترة الانتقالية بعد سقوط الرئيس الأسبق حسنى مبارك. وعمل «السيسى» جاهداً لتحسين صورة الجيش التى لحق بها الضرر من جراء الركود الاقتصادى والعجز عن اتخاذ القرارات ومزاعم انتهاكات حقوق الإنسان من جانب قوات الأمن. وعلى خلاف ما اتسمت به أيام قائد الجيش السابق المشير محمد حسين طنطاوى، عين «السيسى» متحدثا عسكريا شابا أنيقا يقود حملته للعلاقات العامة. وقال الضابط: «فهم السيسى أهمية أن تكون هناك قيادة شابة فى الجيش، باعتبار أن ذلك يعطى انطباعا إيجابيا مفاده أنه جيش قوى ومؤهل. كان مفهوماً أنه لا بد أن ينتهى دور المشير طنطاوى والقادة الآخرين من جيله، وأن تكون هناك دماء جديدة مطلوبة وهذا هو ما فعله».