فاضت الثقة حتى أصبحت أنهاراً تغطى شوارع الوطن.. خرج الرجال والنساء والأطفال والمرضى والعجائز.. رفرفت فى سماء الوطن ملايين الأعلام.. فاضت الثقة.. لكن فاض الكيل يا سيادة الفريق.. فاض الكيل يا سيادة الفريق.. نحن لم نخرج لتلتقط لنا الأقمار الصناعية صوراً لنعلقها فى أوضة المسافرين.. فوضناك يا سيادة الفريق، فأرنا ما فوضناك فيه.. أرنا ما رفعناك فوق رؤوسنا لأجله.. أبداً ما خرجت هذه الملايين من أجل كوبونات السخانات والبوتاجازات أو الأعلام المجانية التى تسقطها الطائرات.. تلك الملايين خرجت تطالبك وتأمرك بأن تطهر هذا البلد من عناكبه وحيّاته.. أن تزيل عن وجهه ملامح الخراب ووشوش الخراب.. لم نخرج لتسلمنا لحكومة أيادٍ مرتعشة ومواقف مائعة وشخصيات مايصة تحتاج إلى أن تقاد لا أن تقود.. فوضناك أن تطهر وتضرب بيد من حديد كل من يمس هوية الوطن وكرامة الوطن وكبرياء الوطن.. فوضناك لتكون صاحب الفعل لا رد الفعل.. فكيف تسمح أن يجرونا جميعاً إلى حرب استنزاف ضد المواطن الذى يحتمى بك فيسقط قتيلاً بعد تعذيبه على حدود دولة رابعة.. وضد الجندى الذى غادر قريته محملاً بدعاء أبويه أن يعود سالماً فعاد أشلاء بلا ملامح تذكرهم بصوره المعلقة على الجدار.. مبتسماً فى زيه العسكرى؟! لم نفوضك لتأتى شمطاء الاتحاد الأوروبى وتتشرط ألا تغادر دون أن تزور الجاسوس الخائن المجرم الذى أطاح به الشعب.. وماذا فى الطريق يا سيادة الفريق؟ هل سيتوافد علينا سفراء الدول وعملاء حقوق الإنسان لزيارة بقية المجرمين والاطمئنان على صحتهم وعافيتهم؟ وهل أصبحنا بعد التفويض عدة دول.. دولة الإخوان ودولة السلفيين ودولة شلة أبريل ودولة النشطاء، ليكون لكل منهم وفد رسمى يجتمع به السفراء؟ فوضناك بعد ذبح الأبرياء فى المنيل وقتل الأطفال فى الإسكندرية وإرهاب الناس فى الشوارع.. فعادوا بالمولوتوف والخطف والتعذيب والقتل.. عادوا بقنابلهم اليدوية والرصاص الحى والصواريخ.. بينما أصوات الميوعة والخنوثة تحدثنا عن المصالحة والتوافق والمبادرات.. عاد أصحاب الجلود الجربة للظهور دون حياء ليعلنوا مبادراتهم العاهرة.. من قامت ضدهم الملايين.. يطلون الآن من بالوعات السياسة مرة أخرى بروائحهم الكريهة ليقدموا لنا الحلول.. أيرضيك يا سيادة الفريق؟ ألهذا فوضناك؟ المتاجرون بجثث الموتى كل مساء.. الناعقون بحقوق الاعتصام.. هل كبلوا يدك يا سيادة الفريق؟ وماذا عن آلاف الأسر فى رابعة ومدينة نصر.. مصريون هم.. يعانون الرعب والفزع والقتل والإهانة كل يوم وكل دقيقة؟ بينهم مرضى وأطفال ومسنون.. مصريون هم تحت الأسر الحقير فمتى ستحرر أسرانا هناك؟ خرجت الملايين تلبى نداءك لتخرس أصوات العالم فإذا بالمرتعشين يواربون لهم الباب.. والممولون يواربون لهم الجيوب لتعود منتفخة مرة أخرى.. سيادة الفريق الشعب الذى فوضك ضاق بالمنشورات التى تسقطها الطائرات هناك والتى قالوا لك عنها بكل وقاحة «دى زبالة يا سيسى».. الشعب الذى فوضك يتطلع إلى النسور التى تنزل من الطائرات لتقتلع رؤوس الأفاعى.. الشعب ينتظر بيانات عسكرية من قلب سيناء تعلن تطهيرها ولا يريد مزيداً من العروض الجوية فوق قصر النيل.. الشعب ينتظر موقفاً صلباً من العثمانلى القردغانى ولا يرضى ببيانات دبلوماسية.. وأطفالٌ هناك ينتظرون أن يرتدوا ملابس العيد ويمرحوا.. لا أن يُقتلوا على أبواب منازلهم فى رابعة العدوية. سيدى.. أوقف هذا المسلسل العبثى.. هذا تفويضك يا سيادة الفريق.