من حق الشعب المصرى أن يفرح ومن حقه أن يهنأ بما حققه من إنجاز عظيم سقطت تحته كل دعاوى الجهل التى حاولت فرض سيطرتها على العقول،ودعاوى الدفاع عن الدين التى أتضح زيفها،والتى برهنت ليلة أمس على أن هدفها هو السلطة وفقط ،دونما الاهتمام بالدماء التى يمكن ان تراق فى سبيل ذلك،ورأينا اللهجة التى تحدث بها المرشد العام لجماعة الاخوان فى جمهور مؤيديه بميدان رابعة العدوية والتى هدد وتوعد فيها الكثيرون. لقد تحمل المصريون الكثير ،ولأنهم قوم يتمتعوا بالصبر والتسامح والأناة فقد ظلوا طيلة عام كامل يقاومون من يحاول الدفع بهم الى الهاوية،عرفت مصر الطيبة معنى التطرف الفكرى وأنقسم المجتمع الى فريقين فريق يحاول الدفاع عن هويته ووسطيته،وفريق يكفر ويتهدد ويتوعد بأن من معه على صواب ومن خالفه على باطل بل أنه كافر،ولان البعض صدق تجار الدين فقد انساق وراء دعاويهم،حتى طالت الخلافات كل بيت مصرى ،وأصبح الآخوة الذين جمعهم المولى سبحانه بأعظم رباط وهو صلة الرحم،يختلفون للاسف بسبب الانحياز لهذا الطرف أو ذاك،وقد وصل هذا الخلاف فى بعض الاحيان الى الخصام والمقاطعة التامة. شخصيا حاولت بقدر الامكان عدم الانصياع لهذا المنزلق الخطير،وحرصت على ان تظل العلاقة طيبة بعيدا عن نزاعات السياسة برغم كثير من المواقف التى أثارت عصبيتى،وكنت كثيرا ماأقول اننا يجب أن نتعلم فضيلة الاختلاف ،ولكن هيهات من يسمع،لقد نجح اصحاب الدعاوى المتطرفة فى غرس بذور الفتنة والانقسام بين جموع المصريين،ولكن لان الله سبحانه وتعالى لا يريد بهذا الشعب إلا خيرا فقد وهبه من خيرة شبابه من جمعهم على رفض والتمرد على الافكار غير المتسقة مع نسيج هذا الوطن. وكانت الملايين التى هبت من كل حدب وصوب يوم30يونيو هى أكبر استفتاء على شعبية رئيس ونظام جماعة لم تنجح فى تحقيق ابسط مطالبه فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية،وكانت جموع المصريين التى خرجت للشوارع تهدر بالهتافات التى تطالب بالرحيل بعد ان فاض الكيل بالناس،وفى المسيرات التى خرجت من كل شارع وحارة وقرية ونجع رأينا كافة طوائف المجتمع سيدات ورجال وشباب وحتى أطفال الكل توحدوا على صيحة واحدة. لقد سئم الناس المعاناة طيلة عام كامل،فمن انتخب الرئيس الاخواني صدق الوعود وانتظر تحققها ولكن انتظاره طال،ومن لم ينتخبه أنصاع لفكرة أعطائهم فرصة للعمل،ولكن لم يتحقق على أرض الواقع سوى المزيد من المعاناة من أزمات ضاق بها الكل ذرعا،فكانت الهبة القوية التى أذهلت المصريون أنفسهم. لم تكن الملايين التى خرجت مدفوعة أو مأجورة كما حاول رجال السلطة توصيفهم ،ولكنهم جمعتهم الكيمياء الخاصة بالشعب المصرى الذى تحكمه روح تتلاقى فى المواقف المصيرية على موقف واحد دون اتفاق مسبق..انها براعة المصري الذى يصبر ويحتمل طويلا ولكنه عندما يفيض به الكيل يضرب المثل ويعلم العالم أجمع كيف تكون للشعوب نكهة خاصة.