لا أحد ينام هذه الليلة.. الكل ينتظرها بشغف ويستقبلها بفرحة لا تتكرر كثيرا، فهي التي طالما يذكرها الجميع حين يحدث شيء سعيد في حياتهم، "فرحة العيد" التي يستعد لها الجميع؛ الأطفال يحضرون ملابس جديدة، والكبار يجهزون لصلاة العيد، والأمهات تستعد بأشهى الأكلات، والبنات اللواتي استرحن من عناء تنظيف منازلهن. ينطلق الجميع صغارا وكبارا عندما يبدأ النهار في البزوغ، للصلاة وبدء مراسم العيد التي تزيده نكهة، وأهمها "العيدية" بنقودها الجديدة وقبلة الأطفال لأقاربهم بعد الحصول عليها، وسعيهم لشراء كل ما خططوا له من قبل بنقود العيدية، تلك العادة التي ربما تكون الوحيدة الذي اجتمع الجميع على تأثيرها وفرحتها للجميع. ترجع عادة "العيدية" إلى عصر المماليك، فكان مع قدوم العيد يوزع السلطان بعض من المال يسمى "الجامكية"، على الجنود والأمراء وكل من يعملون معه، وتختلف قيمة هذا المال تبعا للراتب، فللبعض كانت عبارة عن طبق مملوء بالدنانير الذهبية، بينما كانت تُقدم للبعض دنانير من الفضة، أما في العصر العثماني تنوعت أشكال العيدية التي كانت تُقدم للأطفال ولم تعد تقتصر على المال، واستمر هذا التقليد حتى عصرنا هذا. تعد "العيدية" كلمة عربية منسوبة إلى مناسبة "العيد" بمعنى العطاء أو العطف، ويختلف شكل العيدية من بلد لآخر، ففي سوريا يطلق على العيدية اسم "الخرجية"، ويعطيها الآباء والأمهات والأقارب للأطفال أثناء زيارتهم لبيوت الأقارب في أيام العيد، أما في المملكة العربية السعودية يتم تخصيص يومين من أيام العيد للعيدية، حيث يكون هناك يوم للبنين وآخر للبنات، يعرفان ب"أيام الطلبة"، يقوم فيها الأطفال بطرق الأبواب و"الطلب" من أصحاب المنازل في البلدة إعطاءهم العيدية كل علي قدر استطاعته، وتتعدد أشكالها بين الحلوى أو حب القريض، أو حب القمح المحمص. وفي الكويت، يقوم الأطفال بالمرور على البيوت لأخذ العيدية التي في أغلب الأحيان تكون من "القرقيعان"، وهو عبارة عن خليط من المكسرات والزبيب، يعطيه أصحاب البيوت، لكن في عمان يتبادل الزيارات بين أفراد العائلة، من قرية إلى قرية ويتجمع الأطفال والنساء بمكان يسمى "القلة" أو "العيود"، وهذه عبارة عن حلقة يتم فيها تبادل التهاني وإعطاء الأطفال العيدية، كما يعد أصحاب البيوت كمية من الهدايا للأطفال الذين يأتون لتهنئتهم وزيارتهم. أما السودان، فتشبه مصر كثيرا في هذه العادة، حيث يقوم الآباء والأقارب بإعطاء الأطفال قطعًا نقديةً معدنيةً تخصص بالكامل من أجل أن يشترى الأطفال ما يحبون من الألعاب.