تمسك "الريموت" في يدك، تقلب بين قناة وأخرى، فتجد مرشح رئاسي، يظهر في برنامج حواري، وما أن تمر ساعتين، حتى تجد نفس المرشح على قناة مختلفة، فتؤكد اللقاءات آراء الناخبين في مرشحيهم، أو تؤدي إلي تشتيتهم وازدياد حيرتهم. الدكتورة منال زكريا أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة القاهرة، تحدثت عن هذه الظاهرة، قائلة أن الظهور اليومي والمتكرر للمرشحين لرئاسة الجمهورية "أمر إيجابي وصحي طالما أن هناك تكافؤا للفرص بين ال 13 مرشحا"، وترى زكريا أن المثل الشعبي "البعيد عن العين بعيد عن القلب" ينطبق على هذه الحالة "فهو يدفع المشاهد إلى عمل مقارنة طوال الوقت بين المرشحين وتقييم مواقفهم، وردود أفعالهم المختلفة نحو القضايا الراهنة، ما يساعد على خلق حالة من الجدل الصحي والعقلاني داخل المجتمع المصري، الذى أثبت أنه مجتمع واع وقادر على اتخاذ القرار بنفسه". وتضيف زكريا أن "وجود المرشحين على شاشة التلفزيون لم يعد لتوعية المواطنين، بقدر ما هو استهلاكي للحصول على أكثر عدد من المعلنين على حسب الشعبية التي يتمتع بها المرشح، لذلك فمن الأفضل أن يكون هناك احتكاك مباشر بين المرشح والناخبين". وتنصح الدكتورة منال زكريا الإعلامين بضرورة التركيز على الحياة الشخصية للمرشح للرئاسة، "كالظروف التي نشأ فيها، كيف حصل على وظيفته الأولى، والأسباب التي دفعته للارتباط بشريك حياته وما شابه ذلك، لأن القاعدة العلمية تقول إن معرفة الشخص ومدى التزامه وجديته، وطريقة تفكيره تتم عن طريق الاختيارات الشخصية له، وهذا ما لا يظهره المرشح خلال مؤتمراته الدعائية التي يتقمص فيها دور الدبلوماسي المحنك". واتفقت معها الدكتور ثريا عبد الجواد وكيل كلية الآداب جامعة المنوفية، وأستاذ علم الاجتماع، مضيفة أن ظهور المرشحين الكثيف على شاشات التلفزيون "أمر إيجابي، ويدعو للتفاؤل، إذ يعني أننا نسير على خطى الدول المتقدمة التي تتبع هذا النهج، وينقص فقط إضافة المناظرات بين المرشحين وبعضهم، التي من شأنها أن تظهر صدق المرشح من عدمه، لا سيما عندما يطرح كل طرف في المناظرة برنامجه بالشكل الذي يقنع المشاهد". لكن عادت الدكتورة ثريا لتؤكد أن هناك شروطا يجب أن تغلف الموضوع، تتعلق بالإعلام في المقام الأول، "حيث يجب عليه أن يراقب الأمر، من نواح مختلفة مثل: مدة ظهور المرشح على الشاشة، وتوقيت ظهوره، وقناة الظهور، فعلى الرغم من أن الإعلام يقوم بدور إيجابي في توضيح شخصية المرشح لكنه في الوقت ذاته يلعب دورا سلبيا في تشويه صورة مرشحين آخرين". وأوضحت عبد الجواد، أن "حضور المرشح يشبه حضور الممثل، قد يظهر على الشاشة أكثر من مرة، لكن المشاهد يحبه، لكن الحد الفاصل في ذلك تأديته لدوره، بشكل يلامس الناس ويقترب به من همومهم".