وقت عصيب يمر على أسرة اللواء أحمد كمال محيى الدين؛ فحفيده ابن الثلاثة أشهر يرقد فى مستشفى الشرطة فى انتظار تشخيص طبى للتشنجات العصبية التى انتابته إثر ارتفاع درجة حرارته، وزوجة ابنه محمود تضع حفيدته رقم 8 (ميرا محمود أحمد كمال).. عشرة أيام باعدت بينه وبين ولده الرائد محمود الذى لم يرَ ابنته الصغيرة حتى الآن: «مش عارف ياخد إجازة». الرجل الذى حمل رتبة لواء، وهاجم حبيب العادلى فى أوج سلطته وجبروته: «رفعت قضية ضده عشان أطالب بحقى بعد خروجى على المعاش بدون وجه حق»، لا يخشى على أبنائه الثلاثة الذين وهبهم لخدمة الوطن: البكرى محمود فى مباحث الشرقية ومحمد فى جنوبسيناء والصغير معتز فى شمالها. الأب والأم بين 3 نيران، مرض الحفيد وولادة الحفيدة وأزمة الابن محمود، تتلقى الأم هانم -الطبيبة وكبيرة الأطباء البشريين بالإدارة العامة للخدمات الطبية بجامعة الزقازيق- اتصالات هاتفية: «ابنك ده يا دكتورة...».. تندهش وتسأل الأب، فيرد عليها بالقصة الكاملة: «ابنك محمود كان فى كمين ببلبيس استوقف سيارة فيها 4 شباب، وطلب بطايقهم، استجاب 3 ورفض رابعهم، ادعى فى البداية أنه ضابط جيش، وبعرضه على قوة الجيش المرافقة للكمين، صرخ فى وجوههم (انت عارف انت بتكلم مين.. انا ابن... القيادى البارز فى الإخوان ومسئول كبير فى حزب الحرية والعدالة». «هى الثورة قامت ولا لسه؟».. هكذا شعرت حين سمعت القصة من الأب الذى منعه مرض الحفيد من أن يكون إلى جوار ابنه، يقتله القلق عليه، خاصة بعد الاتصال الذى تلقاه من زميل دفعته الذى أصبح مديرا لأمن الشرقية اللواء محمد ناصر العنترى: «يا سيادة اللواء تعالى عقّل محمود ابنك لو نشف دماغه هيتعرض على النيابة وهيتحبس». - «يتحبس ليه يا فندم ابنى معملش حاجة». - «الموضوع كبير يا أحمد وابنك ضرب الولد، وأحمد فهمى رئيس مجلس الشورى كلمنى، ومش عايز ابنك يبقى نموذج لتصفية الحسابات مع الشرطة، لازم الموضوع يخلص عقل ابنك». قرر أن يركب سيارته ويذهب إلى ولده: «خلاص مش لازم ينشف دماغه طالما قيادته موافقه على كده». وصل إلى كمين بلبيس مع الساعات الأولى من صباح الأربعاء، يسأل ابنه محمود: «انت ضربته؟».. فيرد الابن الرائد: «أبدا ولا جيت جنبه هما بيدّعوا كده». - «يا بنى خلاص لمّ الموضوع»، فيرد الابن الرائد: «يا بابا ما تكسرنيش، سيبنى آخد حقى، هما عايزنى أعمل محضر تصالح وأنا لو اتصالحت أبقى اعترفت بإنى ضربته وده ما حصلش.. أنا عملت شغلى واحتجزته لأنه رفض إثبات شخصيته، وتعدى علىّ باللفظ وسب الشرطة، لو عايزين يتنازلوا عن ده عندهم المحضر يحفظوه لكن تصالح مش هأعمل». تذكر محمود تلك الواقعة التى حدثت لزميله قبل شهور، والذى تعرض للضرب على يد أبناء الرئيس محمد مرسى -وقتها كان رئيسا لحزب الحرية والعدالة - تذكرها وهو يرجو والده «عايز تكسرنى يا سيادة اللواء؟»، فتوقف الأب عن محاولاته إقناع ابنه بالتنازل، أيقن أن ابنه، الذى طلب نقله من المباحث فى أوائل خدمته بالشرطة رافضا ممارسات رئيس مباحث الشرقية وقتها الذى ثبت تورطه فى قضايا رشوة وتم فصله وحبسه بعد ذلك، لن يفعل إلا ما يؤمن به. «أنا عايزة أقابل الريس.. مش قال أنا بابى مفتوح؟».. قالتها الأم الطبيبة، فقط لتعرض ما حدث لابنها على الرئيس، تشاهد معالجة الفضائيات لحادث ابنها، وتعود لتقول: هاروح للرئيس بس عشان أسأله سؤال واحد «هو إيه معنى الحرية والعدالة؟».