أمام ذلك المطعم السودانى الواقع فى منطقة وسط البلد، يلتقون لتناول أطعمتهم السودانية المفضلة، ومشاهدة مباريات كرة القدم، والأحداث الجارية فى وطنهم الآن، يلعنون الغلاء الذى لا يغيب سواء فى مصر أو السودان، ويتبادلون الأمنيات حول وطن عربى هادئ بلا ثورات ولا أحزان، ينعمون فيه بالخير الوفير، حين يدخل المارة بالصدفة أو بالقصد إلى تلك البقعة يشعر وكأنه انتقل إلى دولة السودان الشقيقة. عبدالمجيد عبدالرحمن، يأتى يوميا إلى المطعم ليتناول غداءه ويلتقى بأحبابه من أبناء بلدته، يقول: «كله مش راضى عن اللى حاصل فى بلدنا، قرارات حكومية خاطئة، رفع الأسعار بصورة كبيرة، عدم دعم المحروقات، السلع الغذائية نار، عشت فى مصر وفى السودان الأسعار هنا غالية، وفى بلدى نار، الفارق إن الغلاء هنا مقبول؛ لأن الأوضاع السياسية متوترة، والحكومات متعاقبة والبلد فى حالة ثورة، أما فى بلدى ما العذر؟ هناك حكومة وهناك رئيس والأسعار فى ارتفاع مستمر بلا مبرر». «بحب آجى أقعد مع أهلى وأصحابى وأسمع منهم أخبار البلد» قالها محمد السودانى، فيما يجلس بين مجموعة من أقرانه، وأضاف: عندى ميول سياسية، بحب آجى أقعد مع المهتمين بحال البلد، وأخباره، إننا نرفض بشدة الغلاء الطاحن الذى فرضته الحكومة على الشعب فى السودان، حرام اللى بيتعمل فينا، صبرنا صبر جميل أكثر من 23 سنة، مادقناش حلو خالص، أصبح الطعام والشراب مستحيلين، والدعم من قبيل الأحلام، المواطن فى السودان إذا مرض يعالج نفسه بنفسه، لا يوجد تأمين ولا يوجد تعليم مجانى، لا شىء مدعوم من الدولة، المواطن مش عارف ياكل، وإن شاء الله الثورة تجيب نتيجة. صاحب المطعم الذى اجتمع أمامه السودانيون، سليمان دورى، مقيم فى القاهرة منذ عام 85، فتح مطعمه قبل 8 سنوات، يقول: هنا قطعة من السودان، المأكولات والمشروبات، الزبائن يأتون ليتناولوا الطعام ويريحوا رأسهم من هموم السياسة ومشاكلها، وهموم الحياة أيضاً، لكن الشأن الاقتصادى يطغى على الأحداث دوما، فكلنا أبناء الطبقة الوسطى فى السودان، نتأثر كثيرا بالغلاء، رغم أنه ظاهرة عالمية.